«اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ» وَفِي آخِرِ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «وَإِنْ اُتُّخِذْتَ مُؤَذِّنًا فَلَا تَأْخُذْ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا» وَلِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى حَصَلَتْ وَقَعَتْ عَنْ الْعَامِلِ وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ أَهْلِيَّتُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَلِأَنَّ التَّعْلِيمَ مِمَّا لَا يَقْدِرُ الْمُعَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِمَعْنًى مِنْ قِبَلِ الْمُتَعَلِّمِ فَيَكُونُ مُلْتَزِمًا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَا يَصِحُّ. وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا اسْتَحْسَنُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ. فَفِي الِامْتِنَاعِ تَضْيِيعُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ، وَكَذَا سَائِرُ الْمَلَاهِي)؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعْصِيَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا مِنْ الشَّرِيكِ، وَقَالَا: إجَارَةُ الْمُشَاعِ جَائِزَةٌ) وَصُورَتُهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَصِيبًا مِنْ دَارِهِ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْ
وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا) يُرِيدُ بِهِ مَشَايِخَ بَلْخِي ﵏ (اسْتَحْسَنُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْيَوْمَ) يَعْنِي فِي زَمَانِنَا، وَجَوَّزُوا لَهُ ضَرْبَ الْمُدَّةِ وَأَفْتَوْا بِوُجُوبِ الْمُسَمَّى، وَعِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِئْجَارِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ أَفْتَوْا بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ (لِأَنَّهُ ظَهَرَ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، فَفِي الِامْتِنَاعِ تَضْيِيعُ حِفْظِ الْقُرْآنِ) وَقَالُوا: إنَّمَا كَرِهَ الْمُتَقَدِّمُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُعَلِّمِينَ عَطِيَّاتٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَكَانُوا مُسْتَغْنِينَ عَمَّا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ مَعَاشِهِمْ، وَقَدْ كَانَ فِي النَّاسِ رَغْبَةٌ فِي التَّعْلِيمِ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ وَلَمْ يَبْقَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَيْرَاخَرِيُّ: يَجُوزُ فِي زَمَانِنَا لِلْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْمُعَلِّمِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ
(وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى سَائِرِ الْمَلَاهِي لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعْصِيَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ) فَإِنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بِهِ لَكَانَ وُجُوبُ مَا يَسْتَحِقُّ الْمَرْءُ بِهِ عِقَابًا مُضَافًا إلَى الشَّرْعِ وَهُوَ بَاطِلٌ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا مِنْ الشَّرِيكِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَ الرَّجُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute