وَلَنَا أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ لَا وُجُودَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الشَّائِعِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ حُكْمِيٌّ، وَإِذَا لَمْ يُتَصَوَّرْ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ
اسْتَأْجَرَ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِيَضَعَ فِيهِ الطَّعَامَ يَعْنِي الطَّعَامَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ عَبْدًا مُشْتَرَكًا لِيَخِيطَ الثِّيَابَ. وَلَنَا أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ لَا وُجُودَ لَهُ، لِأَنَّ الْحَمْلَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الشَّائِعِ إذْ الْحَمْلُ يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالشَّائِعُ لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا حَمَلَ الْكُلَّ فَقَدْ حَمَلَ الْبَعْضَ لَا مَحَالَةَ فَيَجِبُ الْأَجْرُ. أُجِيبَ بِأَنَّ حَمْلَ الْكُلِّ حَمْلٌ مُعَيَّنٌ وَهُوَ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ الِاسْتِئْجَارُ لِعَمَلٍ لَا وُجُودَ لَهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُتَصَوَّرْ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ أَصْلًا. وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَإِجَارَةِ الْمُشَاعِ فَإِنَّهَا أَيْضًا فَاسِدَةٌ عِنْدَهُ، فَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بِأَنَّ هُنَاكَ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مُتَعَذِّرٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، فَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَجَبَ الْأَجْرُ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَإِنَّهُ مُتَعَذِّرٌ أَصْلًا فَلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْبَيْعِ، وَذَلِكَ (لِأَنَّ الْبَيْعَ تَصَرُّفٌ حُكْمِيٌّ) أَيْ شَرْعِيٌّ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّائِعِ شَائِعٌ شَرْعًا، كَمَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute