(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَزْرَعُهَا أَوْ أَيَّ شَيْءٍ يَزْرَعُهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ)؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْتَأْجَرُ لِلزِّرَاعَةِ وَلِغَيْرِهَا، وَكَذَا مَا يُزْرَعُ فِيهَا مُخْتَلِفٌ، فَمِنْهُ مَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ مَا لَا يَضُرُّ بِهَا غَيْرُهُ، فَلَمْ يَكُنْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا.
وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا أَوْ بَيَّنَ أَنَّهَا لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَاذَا يَزْرَعُ فِيهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ) لِجَهَالَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَرْضَ كَمَا تُسْتَأْجَرُ لِلزِّرَاعَةِ تُسْتَأْجَرُ لِغَيْرِهَا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (وَكَذَا مَا يُزْرَعُ فِيهَا مُخْتَلِفٌ، فَمِنْهُ مَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ) كَالذُّرَةِ وَالْأَرُزِّ فَإِنَّ ضَرَرَهُمَا بِهَا أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تُفْسِدُ الْعَقْدَ، فَإِنْ زَرَعَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ وَجَبَ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، لِأَنَّهُ انْعَقَدَ فَاسِدًا فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَهَالَةَ قَدْ ارْتَفَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ بِنَقْضِ الْحَاكِمِ بِوُقُوعِ مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ يُعْقَدُ لِلِاسْتِقْبَالِ، فَإِذَا شَاهَدَ الْمَزْرُوعَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَعَرَفَ أَنَّهُ ضَارٌّ أَوْ لَيْسَ بِضَارٍّ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ الْمُفْضِيَةُ إلَى النِّزَاعِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَارْتِفَاعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَارْتِفَاعِهَا مِنْ حَالَةِ الْعَقْدِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَائِهِ، وَلَوْ ارْتَفَعَتْ مِنْ الِابْتِدَاءِ جَازَ فَكَذَا هَاهُنَا.
وَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ إلَى الدِّيَاسِ مَثَلًا ثُمَّ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ النَّاسُ فِيهِ، وَكَمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَسْقَطَ الرَّابِعَ، وَكَمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطٍ قَبْلَ مَجِيئِهِ، وَهَذَا رَدُّ الْمُخْتَلِفِ عَلَى الْمُخْتَلَفِ، فَإِنَّ زُفَرَ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَلَكِنْ لَمَّا أَثْبَتَ ذَلِكَ بِدَلِيلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَ هَاهُنَا بِطَرِيقِ الْمُبَادِي. لَا يُقَالُ: ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَكْرَارٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ بَابٍ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرَاضِي لِلزِّرَاعَةِ، وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ حَتَّى يُسَمَّى مَا يُزْرَعُ فِيهَا لِأَنَّ ذَلِكَ وَضْعُ الْقُدُورِيِّ وَهَذَا وَضْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute