للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ. قَالَ: (وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُ لَهُ دَنًّا مِنْ الْفُرَاتِ فَوَقَعَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْكَسَرَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ) أَمَّا الضَّمَانُ فَلِمَا قُلْنَا، وَالسُّقُوطُ بِالْعِثَارِ أَوْ بِانْقِطَاعِ الْحَبْلِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِهِ، وَأَمَّا الْخِيَارُ فَلِأَنَّهُ إذَا انْكَسَرَ فِي الطَّرِيقِ، وَالْحِمْلُ شَيْءٌ وَاحِدٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ تَعَدِّيًا مِنْ الِابْتِدَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَمْلِ حَصَلَ بِإِذْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَعَدِّيًا، وَإِنَّمَا صَارَ تَعَدِّيًا عِنْدَ الْكَسْرِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ شَاءَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَهُ الْأَجْرُ بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى، وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى أَصْلًا.

قَالَ: (وَإِذَا فَصَدَ الْفَصَّادُ أَوْ بَزَغَ الْبَزَّاغُ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا عَطِبَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: بَيْطَارٌ بَزَغَ دَابَّةً بِدَانِقٍ فَنَفَقَتْ أَوْ حَجَّامٌ حَجَمَ عَبْدًا بِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ نَوْعُ بَيَانٍ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ السِّرَايَةِ

وَمَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُ لَهُ دَنًّا مِنْ الْفُرَاتِ فَوَقَعَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْكَسَرَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ) وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفُرَاتِ لِأَنَّ الدِّنَانَ كَانَتْ تُبَاعُ هُنَاكَ (أَمَّا الضَّمَانُ فَلِمَا قُلْنَا) إنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَقَدْ تَلِفَ الْمَتَاعُ بِصُنْعِهِ كَمَا فِي تَخْرِيقِ الثَّوْبِ بِالدَّقِّ (فَإِنَّ السُّقُوطَ بِالْعِثَارِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ بِانْقِطَاعِ الْحَبْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِهِ) وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ (وَأَمَّا الْخِيَارُ) مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُخَيَّرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي انْكَسَرَ، لِأَنَّ الْمَالَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، وَإِذَا كَانَ أَمَانَةً وَجَبَ أَنْ لَا يَضْمَنَ قِيمَتَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ (فَلِأَنَّهُ إذَا انْكَسَرَ فِي الطَّرِيقِ وَالْحَمْلُ شَيْءٌ وَاحِدٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ تَعَدِّيًا مِنْ الِابْتِدَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّ ابْتِدَاءَ الْحَمْلِ حَصَلَ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ تَعَدِّيًا)، وَإِنَّمَا التَّعَدِّي عِنْدَ الْكَسْرِ فَيَخْتَارُ أَيَّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ فَإِنْ اخْتَارَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ فَلَهُ الْأَجْرُ بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى مِنْ الْعَمَلِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى أَصْلًا.

(وَإِذَا فَصَّدَ الْفَصَّادُ أَوْ بَزَّغَ الْبَزَّاغُ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا عَطِبَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْطَارٌ بَزَّغَ إلَخْ) وَإِنَّمَا أَعَادَ رِوَايَتَهُ لِنَوْعِ بَيَانٍ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَشْتَمِلُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْبَيَانِ، أَمَّا فِي الْقُدُورِيِّ فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَمَ التَّجَاوُزِ عَنْ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ، وَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا تَجَاوَزَ ضَمِنَ.

وَأَمَّا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلِأَنَّهُ بَيْنَ الْأُجْرَةِ وَكَوْنِ الْحِجَامَةِ بِأَمْرِ الْمَوْلَى وَالْهَلَاكِ، وَيُفِيدُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِهِ ضَمِنَ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْهَلَاكَ لَيْسَ بِمُقَارِنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْعَمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>