أَجِيرَ وَحْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ فِي الْمُدَّةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِالْمَنَافِعِ، وَلِهَذَا يَبْقَى الْأَجْرُ مُسْتَحَقًّا، وَإِنْ نُقِضَ الْعَمَلُ.
قَالَ: (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَا مَا تَلِفَ مِنْ عَمَلِهِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ بِإِذْنِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ عِنْدَهُمَا لِصِيَانَةِ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَالْأَجِيرُ الْوَحْدُ لَا يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ فَتَكُونُ السَّلَامَةُ غَالِبَةً فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَتَى صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِذَا أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ صَحَّ وَيَصِيرُ نَائِبًا مَنَابَهُ فَيَصِيرُ فِعْلُهُ مَنْقُولًا إلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعَلَ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
بِمِثْلِهِ هَاهُنَا، وَقَدْ ذُكِرَ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِالْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ مُسْتَحَقَّةٌ لَهُ (يَبْقَى الْأَجْرُ مُسْتَحَقًّا وَإِنْ نُقِضَ الْعَمَلُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ. فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي خَيَّاطٍ خَاطَ ثَوْبَ رَجُلٍ بِأَجْرٍ فَفَتَقَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ رَبُّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لِلْخَيَّاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَمَلَ إلَى رَبِّ الثَّوْبِ، وَلَا يُجْبَرُ الْخَيَّاطُ عَلَى أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ لِأَنَّهُ لَوْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ أُجْبِرَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ الْعَقْدُ قَدْ انْتَهَى بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الَّذِي فَتَقَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْخَيَّاطَ لَمَّا فَتَقَ الثَّوْبَ فَقَدْ نَقَضَ عَمَلَهُ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَتَقَهُ أَجْنَبِيٌّ لِأَنَّهُ بِفَتْقِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ كَأَنَّ الْخَيَّاطَ لَمْ يَعْمَلْ أَصْلًا، وَلَوْ كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا فَنَقَضَهُ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ
(وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ) بِأَنْ سَرَقَ مِنْهُ أَوْ غَابَ أَوْ غَصَبَ (وَلَا مَا تَلِفَ مِنْ عَمَلِهِ) بِأَنْ انْكَسَرَ الْقَدُومُ فِي عَمَلِهِ أَوْ تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّهِ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْفَسَادَ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ضَمِنَ كَالْمُودَعِ إذَا تَعَدَّى (أَمَّا الْأَوَّلُ) وَهُوَ مَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ (فَلِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِإِذْنِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا عِنْدَهُمَا هُمَا، لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ عِنْدَهُمَا صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ) فَإِنَّهُ يَقْبَلُ أَعْيَانًا كَثِيرَةً رَغْبَةً فِي كَثْرَةِ الْأَجْرِ، وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْ قَضَاءِ حَقِّ الْحِفْظِ فِيهَا فَضَمِنَ حَتَّى لَا يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا وَلَا يَأْخُذَ إلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ (وَالْأَجِيرُ الْوَحْدُ لَا يَقْبَلُ الْعَمَلَ) بَلْ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ (فَتَكُونُ السَّلَامَةُ غَالِبَةً فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَأَمَّا الثَّانِي) وَهُوَ مَا إذَا تَلِفَ مِنْ عَمَلِهِ (فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَتَى صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ) بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا (فَإِذَا أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ صَحَّ وَيَصِيرُ الْمَأْمُورُ) أَيْ الْأَجِيرُ (نَائِبًا مَنَابَهُ فَصَارَ فِعْلُهُ مَنْقُولًا إلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا لَا يُضَمِّنُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute