وَلِهَذَا جُعِلَ السَّفَرُ عُذْرًا
الْعَقْدِ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي النَّقْلِ كَانَتْ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَقَرَّرَ حَقُّهُ فِي الْأَجْرِ، فَالْمُسْتَأْجِرُ إذَا سَافَرَ بِعَبْدِهِ يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ مِنْ مُؤْنَةِ الرَّدِّ، وَرُبَّمَا يَرْبُو عَلَى الْأُجْرَةِ.
وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ لَيْسَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَالْمُدَّعِي بِالْإِخْرَاجِ إلَى السَّفَرِ يَلْتَزِمُ مُؤْنَةَ الرَّدِّ وَلَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَمَا تَرَى انْقِطَاعٌ لِأَنَّ الْمُعَلِّلَ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَضُمَّ إلَى عِلَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ قَيْدًا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمَهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي مَنَافِعِ الْعَبْدِ كَالْمَوْلَى، فَإِنَّ الْمَوْلَى لَهُ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَنَوْعًا، وَلَيْسَ الْمُسْتَأْجِرُ كَذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهَا بِعَقْدٍ ضَرُورِيٍّ يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ الْمَوْلَى، وَالْعُرْفُ يُوجِبُهُ، أَوْ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الرَّدِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا يُوجِبُهُ (وَلِهَذَا جُعِلَ السَّفَرُ عُذْرًا) يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَ غُلَامًا لِيَخْدُمَهُ فِي الْمِصْرِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرَ السَّفَرَ فَهُوَ عُذْرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمُسَافَرَةِ بِالْعَبْدِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ مُنِعَ السَّفَرَ تَضَرَّرَ فَكَانَ عُذْرًا تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute