للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ كَإِسْكَانِ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ فِي الدَّارِ، وَلِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْخِدْمَتَيْنِ ظَاهِرٌ، فَإِذَا تَعَيَّنَ الْخِدْمَةُ فِي الْحَضَرِ لَا يَبْقَى غَيْرُهُ دَاخِلًا كَمَا فِي الرُّكُوبِ

(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ شَهْرًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْأَجْرَ) وَأَصْلُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِانْعِدَامِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقِيَامِ الْحَجْرِ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّصَرُّفَ نَافِعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْفَرَاغِ سَالِمًا ضَارٌّ عَلَى اعْتِبَارِ هَلَاكِ الْعَبْدِ، وَالنَّافِعُ مَأْذُونٌ فِيهِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ.

(وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَآجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ فَأَكَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: هُوَ ضَامِنٌ)؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَالَ الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إذْ الْإِجَارَةُ قَدْ صَحَّتْ عَلَى مَا مَرَّ. وَلَهُ أَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِتْلَافِ مَالٍ مُحْرَزٍ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ بِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُحْرَزٍ فِي حَقِّ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ عَنْهُ فَكَيْفَ يُحْرِزُ مَا فِي يَدِهِ.

قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَا يَنْتَظِمُهَا الْإِطْلَاقُ (وَلِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْخِدْمَتَيْنِ ظَاهِرٌ) فَصَارَ كَالِاخْتِلَافِ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِينَ (فَإِذَا تَعَيَّنَتْ الْخِدْمَةُ فِي الْحَضَرِ عُرْفًا لَا يَبْقَى غَيْرُهَا دَاخِلًا كَمَا فِي الرُّكُوبِ) فَإِنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ رُكُوبِ الرَّاكِبِينَ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا

(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ شَهْرًا) فَعَمِلَ (فَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْأَجْرَ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْقِيَاسِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَصِحَّ الْإِجَارَةُ لِانْعِدَامِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقِيَامِ الْحَجْرِ) فَيَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَا أَجْرَ عَلَى الْغَاصِبِ (فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ) فَإِنَّهُ يَجِبُ لِلْمَوْلَى قِيمَتُهُ دُونَ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِالْغَصْبِ، وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ (وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّصَرُّفَ نَافِعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْفَرَاغِ سَالِمًا ضَارٍّ عَلَى اعْتِبَارِ الْهَلَاكِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالنَّافِعُ مَأْذُونٌ فِيهِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ، وَإِذَا جَازَ الدَّفْعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ)

قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَآجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ إلَخْ) وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَآجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: هُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَالَ الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إذْ الْإِجَارَةُ قَدْ صَحَّتْ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّصَرُّفَ نَافِعٌ، وَالْمَحْجُورُ مَأْذُونٌ فِي الْمَنَافِعِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِتْلَافِ مَالٍ مُحْرَزٍ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ بِالْإِحْرَازِ وَهَذَا الْمَالُ غَيْرُ مُحْرَزٍ فِي حَقِّ الْغَاصِبِ، إذْ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ عَنْهُ فَكَيْفَ يُحْرِزُ مَا فِي يَدِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِحْرَازَ إنَّمَا يَكُونُ بِيَدِ الْمَالِكِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ، وَيَدُ الْغَاصِبِ لَيْسَتْ بِهِمَا وَيَدُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. فَإِنْ قِيلَ: الْغَاصِبُ إذَا اسْتَهْلَكَ وَلَدَ الْمَغْصُوبَةِ ضَمِنَهُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>