للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَيَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ لِفَوَاتِ بَعْضِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ أَيْضًا عَلَى الْكَمَالِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الْخِيَارَ. وَلَنَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَامَلَةٍ لَا يُسْتَحَقُّ الْقَبْضُ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ فَجَازَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ كَالْبَيْعِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا دَفْعُ الْحَاجَةِ، وَفَوَاتُ بَعْضُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ، فَكَذَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ رَدَّ الْكُلِّ مُمْكِنٌ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ دُونَهَا وَلِهَذَا يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْقَبْضِ إذَا سَلَّمَ الْمُؤَجَّرَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ.

لَهُ مُسْتَحَقَّةٌ بِالْعَقْدِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ فَالْفَسْخُ لِأَجْلِهِ.

قَالَ (وَيَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ) إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً عَلَى أَنَّهُ أَوْ الْمُؤَجَّرُ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا (وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْخِيَارَ إنْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ لِفَوَاتِ بَعْضِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ فَلَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهُ عَلَى الْكَمَالِ لِذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الْخِيَارَ) وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمَنَافِعَ جُعِلَتْ فِي الْإِجَارَةِ كَالْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ، وَفَوَاتُ بَعْضِ الْعَيْنِ فِي الْبَيْعِ يَمْنَعُ الْفَسْخَ فَكَذَا هَاهُنَا (وَلَنَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَامَلَةٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ جَازَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ، وَالْجَامِعُ دَفْعُ الْحَاجَةِ) فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ مُعَامَلَةٍ يَحْتَاجُ إلَى التَّرَوِّي لِئَلَّا يَقَعَ فِيهِ الْغَبْنُ (وَفَوَاتُ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ) كَمَا تَقَدَّمَ (فَكَذَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ) قَوْلُهُ عَقْدُ مُعَامَلَةٍ احْتِرَازٌ عَنْ النِّكَاحِ، وَقَوْلُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ احْتِرَازٌ عَنْ الصَّرْفِ فَإِنَّ الْخِيَارَ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ.

وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفَوَاتُ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَإِنَّمَا كَانَ فَوَاتُهُ فِي الْإِجَارَةِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَفِي الْبَيْعِ يَمْنَعُ، لِأَنَّ رَدَّ الْكُلِّ فِي الْبَيْعِ مُمْكِنٌ دُونَ الْإِجَارَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ دُونَهَا) لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْوُسْعِ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ رَدَّ الْكُلِّ مُمْكِنٌ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ (يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْقَبْضِ إذَا سَلَّمَ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ بِكَمَالِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَهَذَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً فَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى مَضَى شَهْرٌ وَقَدْ طَلَبَ التَّسْلِيمَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ ثُمَّ تَحَاكَمَا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْقَبْضِ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ عِنْدَنَا، وَلَا لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ

<<  <  ج: ص:  >  >>