وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ؛ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ لِلْجَهَالَةِ وَقَدْ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى الْمُنَازَعَةِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الرَّاكِبُ وَهُوَ مَعْلُومٌ وَالْمَحْمَلُ تَابِعٌ، وَمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ يَرْتَفِعُ بِالصَّرْفِ إلَى التَّعَارُفِ فَلَا يُفْضِي ذَلِكَ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَرَ الْوَطَاءَ وَالدُّثُرَ. قَالَ: (وَإِنْ شَاهَدَ الْجَمَّالُ الْحِمْلَ فَهُوَ أَجْوَدُ)؛ لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْجَهَالَةِ وَأَقْرَبُ إلَى تَحَقُّقِ الرِّضَا. قَالَ: (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مِقْدَارًا مِنْ الزَّادِ فَأَكَلَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ جَازَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عِوَضَ مَا أَكَلَ)؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حِمْلًا مُسَمًّى فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ (وَكَذَا غَيْرُ الزَّادِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ) وَرَدُّ الزَّادِ مُعْتَادٌ عِنْدَ الْبَعْضِ كَرَدِّ الْمَاءِ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْعَمَلِ بِالْإِطْلَاقِ.
ظَاهِرٌ، وَالْوِطَاءُ الْفِرَاشُ، وَالدُّثُرُ جَمْعُ دِثَارٍ وَهُوَ مَا يُلْقَى عَلَيْك مِنْ كِسَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَرَدُّ الزَّادِ مُعْتَادٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مُطْلَقُ الْعَقْدِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَمِنْ عَادَةِ الْمُسَافِرِينَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ الزَّادِ وَلَا يَرُدُّونَ شَيْئًا مَكَانَهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعُرْفَ مُشْتَرَكٌ فَإِنَّهُ مُعْتَادٌ عِنْدَ الْبَعْضِ كَرَدِّ الْمَاءِ، وَالْعُرْفُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا فَلَا مَانِعَ مِنْ الْعَمَلِ بِالْإِطْلَاقِ، وَهُوَ أَنَّهُمَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ عَلَى حَمْلِ قَدْرٍ مَعْلُومٍ فِي مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَلَمْ يُقَيَّدْ بِعَدَمِ رَدِّ مَا نَقَصَ مِنْ الْمَجْهُولِ فَوَجَبَ جَوَازُ رَدِّ قَدْرِ مَا نَقَصَ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ وَهُوَ عَدَمُ الْمَانِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute