للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَلَاءُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ، وَإِذَا بَقِيَتْ وَاتَّصَلَ بِهَا الْأَدَاءُ مَاتَ حُرًّا وَانْتَقَلَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ، وَهَذَا فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ مَا يُلَاقِيهِ مِنْ الْقَضَاءِ فَلِهَذَا كَانَ تَعْجِيزًا.

قَالَ (وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ طَيِّبٌ لِلْمَوْلَى لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ) فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَمَلَّكُهُ صَدَقَةً وَالْمَوْلَى عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ، وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ «هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَاحَ لِلْغَنِيِّ وَالْهَاشِمِيِّ، لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَهُ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ، وَنَظِيرُهُ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا أَبَاحَ لِغَيْرِهِ لَا يَطِيبُ لَهُ وَلَوْ مَلَكَهُ يَطِيبُ، وَلَوْ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ لِأَنَّ بِالْعَجْزِ يَتَبَدَّلُ الْمِلْكُ عِنْدَهُ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَجْزِ يَتَقَرَّرُ مِلْكُ الْمَوْلَى عِنْدَهُ

وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ، لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ اخْتِلَافٌ فِي الْوَلَاءِ مَقْصُودًا وَهُوَ وَاضِحٌ. وَذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَانْتِقَاضِهَا، فَإِنَّهَا إذَا فُسِخَتْ مَاتَ عَبْدًا وَاسْتَقَرَّ الْوَلَاءُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ، وَإِذَا بَقِيَتْ وَاتَّصَلَ بِهَا الْأَدَاءُ مَاتَ حُرًّا وَانْتَقَلَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ، وَهَذَا: أَيْ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ وَانْتِقَاضُهَا فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَيَنْفُذُ مَا يُلَاقِيهِ مِنْ الْقَضَاءِ، وَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِالْوَلَاءِ نَافِذًا انْفَسَخَ الْكِتَابَةُ لِانْتِفَاءِ لَازِمِهَا وَهُوَ احْتِمَالُ جَرِّ الْوَلَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّ ذَلِكَ جُزْءُ اللَّازِمِ وَالشَّيْءُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ. قِيلَ فَسْخُ الْكِتَابَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى نُفُوذِ الْقَضَاءِ وَلُزُومِهِ وَذَلِكَ لِصِيَانَةِ الْقَضَاءِ عَنْ الْبُطْلَانِ وَفِي صِيَانَتِهِ بُطْلَانُ مَا يَجِبُ رِعَايَتُهُ وَهُوَ الْكِتَابَةُ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُكَاتَبِ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْبُطْلَانَيْنِ أَرْجَحَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ صِيَانَةَ الْقَضَاءِ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا لَاقَى فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ نَفَذَ بِالْإِجْمَاعِ، وَصِيَانَةُ مَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ صِيَانَةِ كِتَابَةٍ اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي نَفَاذِهَا.

قَالَ (وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ إلَخْ) إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ أَخَذَ مِنْ الزَّكَوَاتِ شَيْئًا وَعَجَزَ، فَأَمَّا إنْ عَجَزَ بَعْدَ أَدَائِهِ إلَى الْمَوْلَى أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ طَيِّبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>