للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا خُبْثَ فِي نَفْسِ الصَّدَقَةِ، وَإِنَّمَا الْخُبْثُ فِي فِعْلِ الْآخِذِ لِكَوْنِهِ إذْلَالًا بِهِ.

وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْغَنِيِّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلِلْهَاشِمِيِّ لِزِيَادَةِ حُرْمَتِهِ وَالْأَخْذُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَوْلَى فَصَارَ كَابْنِ السَّبِيلِ إذَا وَصَلَ إلَى وَطَنِهِ وَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى وَقَدْ بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمَا مَا أَخَذَا مِنْ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُمَا، وَعَلَى هَذَا إذَا أُعْتِقَ الْمُكَاتَبُ وَاسْتَغْنَى يَطِيبُ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ

لِلْمَوْلَى بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ فِيهِ قَدْ تَبَدَّلَ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَمَلَّكُهُ صَدَقَةً وَالْمَوْلَى يَتَمَلَّكُهُ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ، وَتَبَدُّلُ السَّبَبِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ. أَصْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ بَرِيرَةَ فِيمَا أَهْدَتْ إلَيْهِ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ حَيْثُ قَالَ «هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَاحَ الْفَقِيرُ مَا أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ لِغَنِيٍّ أَوْ هَاشِمِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُمَا، لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَهُ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ فَلَمْ يَتَبَدَّلْ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَنَظِيرُهُ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا أَبَاحَ لِغَيْرِهِ لَا يَطِيبُ لَهُ وَلَوْ مَلَكَهُ طَابَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ يَتَبَدَّلُ الْمِلْكُ، فَإِنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ مَلَكَ الْمَوْلَى أَكْسَابَهُ مِلْكًا مُبْتَدَأً وَلِهَذَا أَوْجَبَ نَقْضَ الْإِجَارَةِ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا آجَرَ أَمَتَهُ ظِئْرًا ثُمَّ عَجَزَ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ كَانَ بِالْعَجْزِ يَتَقَرَّرُ مِلْكُ الْمَوْلَى عِنْدَهُ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى نَوْعَ مِلْكٍ فِي أَكْسَابِهِ، وَبِالْعَجْزِ يَتَأَكَّدُ ذَلِكَ الْحَقُّ وَيَصِيرُ الْمُكَاتَبُ فِيمَا مَضَى كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَلِهَذَا إذَا آجَرَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ ظِئْرًا ثُمَّ عَجَزَ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْخَبَثَ لَيْسَ فِي نَفْسِ الصَّدَقَةِ، وَإِلَّا لَمَا فَارَقَهَا أَصْلًا، وَإِنَّمَا الْخَبَثُ فِي فِعْلِ الْآخِذِ لِكَوْنِهِ إذْلَالًا بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا لِلْهَاشِمِيِّ لِزِيَادَةِ حُرْمَتِهِ، وَالْأَخْذُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَوْلَى فَصَارَ كَابْنِ السَّبِيلِ إذَا وَصَلَ إلَى وَطَنِهِ وَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى وَقَدْ بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمَا مَا أَخَذَا مِنْ الصَّدَقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>