للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وَوَرَّثَ ابْنَةَ حَمْزَةَ عَلَى سَبِيلِ الْعُصُوبَةِ مَعَ قِيَامِ وَارِثٍ» وَإِذْ كَانَ عَصَبَةً تَقَدَّمَ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ (فَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُعْتِقِ)، لِأَنَّ الْمُعْتِقَ آخِرُ الْعَصَبَاتِ، وَهَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ «وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا» قَالُوا: الْمُرَادُ مِنْهُ وَارِثٌ هُوَ عَصَبَةٌ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الثَّانِي فَتَأَخَّرَ عَنْ الْعَصَبَةِ دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ.

قَالَ (فَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ فَهُوَ أَوْلَى) لِمَا ذَكَرْنَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُعْتَقِ) تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ ذُو حَالٍ، أَمَّا إذَا كَانَ فَلَهُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ عَلَى مَا رَوَيْنَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْعَصَبَةَ مَنْ يَكُونُ التَّنَاصُرُ بِهِ لِبَيْتِ النِّسْبَةِ وَبِالْمَوَالِي الِانْتِصَارُ عَلَى مَا مَرَّ وَالْعَصَبَةُ تَأْخُذُ مَا بَقِيَ

(فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِبَنِي الْمَوْلَى دُونَ بَنَاتِهِ)، وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَرَدَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ وَفِي آخِرِهِ «أَوْ جَرَّ وَلَاءَ وَلَاءِ مُعْتَقِهِنَّ» وَصُورَةُ الْجَرِّ قَدَّمْنَاهَا، وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهَا فَيُنْسَبُ بِالْوَلَاءِ إلَيْهَا وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مَنْ يُنْسَبُ إلَى مَوْلَاهَا، بِخِلَافِ النَّسَبِ لِأَنَّ سَبَبَ النِّسْبَةِ فِيهِ

أَنَّ الْمُرَادَ وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً حَيْثُ لَمْ يَقُلْ كُنْت وَارِثَهُ (وَوَرَّثَ النَّبِيُّ ابْنَةَ حَمْزَةَ عَلَى سَبِيلِ الْعُصُوبَةِ مَعَ قِيَامِ وَارِثٍ) هِيَ بِنْتُ الْمَيِّتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ أَعْطَى بِنْتَ الْمَيِّتِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِبِنْتِ حَمْزَةَ، وَالْعَصَبَةُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ مَا أَبْقَتْهُ الْفَرَائِضُ (وَإِذَا كَانَ عَصَبَةً تُقَدَّمُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ).

(فَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ فَهُوَ أَوْلَى) لِأَنَّ الْعِتْقَ آخِرُ الْعَصَبَاتِ عَلَى مَا قَالُوا إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً وَارِثُ عَصَبَةٍ اسْتِدْلَالًا بِإِشَارَةِ الْحَدِيثِ كَمَا قُلْنَا فِي بَيَانِ قَوْلِهِ كُنْت أَنْتَ عَصَبَتَهُ، وَبِالْحَدِيثِ الثَّانِي: أَيْ بِحَدِيثِ بِنْتِ حَمْزَةَ فَتَأَخَّرَ عَنْ الْعَصَبَةِ دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْتِقِ (عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُعْتِقِ، تَأْوِيلُهُ) أَيْ تَأْوِيلُ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ (إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ ذُو حَالٍ، أَمَّا إذَا كَانَ فَلَهُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِ) وَذَكَرُوا لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ تَأْوِيلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَرْضٍ ذُو حَالٍ سِوَى حَالِ الْفَرْضِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِنَّ لَهُمَا حَالًا سِوَى حَالِ الْفَرْضِ وَهِيَ الْعُصُوبَةُ، أَمَّا إذَا كَانَ فَلَهُ: أَيْ فَلِمِثْلِ هَذَا الْوَارِثِ الْبَاقِي بِالْعُصُوبَةِ وَلَيْسَ لِلْمُعْتِقِ شَيْءٌ. وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ ذُو حَالٍ وَاحِدٍ كَالْبِنْتِ، أَمَّا إذَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُعْتِقِ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ ذَلِكَ الْوَارِثِ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَالثَّانِي أَوْجَهُ لِأَنَّهُ عَلَّلَ قَوْلَهُ فَلَهُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ عَلَى مَا رَوَيْنَا) وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا كُنْت أَنْتَ عَصَبَتَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ.

وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ: يَعْنِي إنَّمَا كَانَ عَصَبَةً (لِأَنَّ الْعَصَبَةَ مَنْ يَكُونُ التَّنَاصُرُ بِهِ لِبَيْتِ النِّسْبَةِ) أَيْ الْقَبِيلَةِ. وَتَقْرِيرُهُ الْعَصَبَةَ مَنْ يَكُونُ انْتِصَارُ الْقَبِيلَةِ بِهِ، وَبِالْمَوْلَى يَكُونُ الِانْتِصَارُ عَلَى مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَلَاءِ. وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَتَنَاصَرُ بِأَشْيَاءَ، وَقَرَّرَ النَّبِيُّ تَنَاصُرَهُمْ بِالْوَلَاءِ بِنَوْعَيْهِ. وَقَوْلُهُ (وَالْعَصَبَةُ تَأْخُذُ مَا بَقِيَ) تَمَامُ الدَّلِيلِ. وَتَقْرِيرُهُ فَلَهُ الْبَاقِي لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَالْعَصَبَةُ تَأْخُذُ الْبَاقِيَ (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِبَنِي الْمَوْلَى دُونَ بَنَاتِهِ) لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ (قَدَّمْنَاهَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، إلَى أَنْ قَالَ: جَرَّ الْأَبُ وَلَاءَ ابْنِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ جَرَّ الْمُعْتِقِ وَمُعْتِقِ الْمُعْتِقِ فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ فَلْيُطْلَبْ ثَمَّةَ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الْمَالِكِيَّةِ إلَخْ) دَلِيلٌ مَعْقُولٌ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ مِمَّنْ أَعْتَقَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ. وَتَقْرِيرُهُ ثُبُوتُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْمُعْتِقِ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتَقَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكُلُّ مَنْ ثَبَتَ مِنْ جِهَتِهِ شَيْءٌ يُنْسَبُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عِلِّيَّتُهُ إذْ ذَاكَ فَثُبُوتُ الْمَالِكِيَّةِ يُنْسَبُ إلَيْهَا بِالْوَلَاءِ وَيُنْسَبُ إلَيْهَا مَنْ يُنْسَبُ إلَى مَوْلَاهَا، لِأَنَّ مُعْتَقَ الْمُعْتَقِ يُنْسَبُ إلَى مُعْتِقِهِ بِالْوَلَاءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>