للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَرُّفُهُ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً يُسَلَّمُ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ. وَقَالَا: لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ أَبَدًا حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدُهُ، وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ السَّفَهُ فَيَبْقَى مَا بَقِيَ الْعِلَّةُ وَصَارَ كَالصِّبَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْعَ الْمَالِ عَنْهُ بِطَرِيقِ التَّأْدِيبِ، وَلَا يَتَأَدَّبُ بَعْدَ هَذَا ظَاهِرًا وَغَالِبًا؛ أَلَا يَرَى أَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ جَدًّا فِي هَذَا السِّنِّ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمَنْعِ فَلَزِمَ الدَّفْعُ، وَلِأَنَّ الْمَنْعَ

بِهِ فَصَارَ مَحَلًّا لِلْقَضَاءِ يَحْتَاجُ إلَى إمْضَاءٍ، فَلَوْ رَفَعَ تَصَرُّفَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَى الْقَاضِي الْحَاجِرِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ فَقَضَى بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ وَصِحَّةِ الْحَجْرِ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَفَذَ إبْطَالُهُ لِاتِّصَالِ الْإِمْضَاءِ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ النَّقْضُ بَعْدَ ذَلِكَ.

ثُمَّ إنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَفِيهًا مُنِعَ عَنْهُ مَالُهُ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَتَصَرُّفَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ نَافِذَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ سُلِّمَ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ الرُّشْدُ مِنْهُ، وَقَالَا: لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدُهُ، وَتَسَامُحُ عِبَارَتِهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَبَدِ وَحَتَّى ظَاهِرٌ (وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ، لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ السَّفَهُ فَيَبْقَى بِبَقَائِهِ كَالصِّبَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْعَ الْمَالِ عَنْهُ بِطَرِيقِ التَّأْدِيبِ) وَهَذَا الدَّلِيلُ يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ السَّفَهُ لَكِنَّ الْمَعْلُولَ هُوَ الْمَنْعُ مِنْ حَيْثُ التَّأْدِيبُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلتَّأْدِيبِ، وَلَا تَأْدِيبَ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ ظَاهِرًا وَغَالِبًا لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَصِيرُ جِدًّا بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْبُلُوغِ فِي الْإِنْزَالِ وَهُوَ اثْنَتَا عَشَرَةَ سَنَةً وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ قَابِلًا لِلتَّأْدِيبِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمَنْعِ فَلَزِمَ الدَّفْعُ. وَالثَّانِي أَنْ يُجْعَلَ مُعَارَضَةً فَيُقَالُ: مَا ذَكَرْتُمْ وَإِنْ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْمَدْلُولِ لَكِنْ عِنْدَنَا مَا يَنْفِيهِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْعَ الْمَالِ عَنْهُ بِطَرِيقِ التَّأْدِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ) دَلِيلٌ آخَرُ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهُ بِاعْتِبَارِ أَثَرِ الصِّبَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ وِجْدَانُهُ فِي أَوَائِلِ الْبُلُوغِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ بِتَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَقُدِّرَ ذَلِكَ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَلِأَنَّ مُدَّةَ الْبُلُوغِ مِنْ حَيْثُ السِّنُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>