وَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي عِنْدَهُ، لِأَنَّ الْحَجْرَ دَائِرٌ بَيْنَ الضَّرَرِ وَالنَّظَرِ وَالْحَجْرُ لِنَظَرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ الْقَاضِي. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ مَحْجُورًا عِنْدَهُ، إذْ الْعِلَّةُ هِيَ السَّفَهُ بِمَنْزِلَةِ الصِّبَا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا
(وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَفَذَ عِتْقُهُ عِنْدَهُمَا). وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْفُذُ. وَالْأَصْلُ عِنْدَهُمَا أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ يُؤَثِّرُ فِيهِ إلَخْ وَمَا لَا فَلَا، لِأَنَّ السَّفِيهَ فِي مَعْنَى الْهَازِلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْهَازِلَ يُخْرِجُ كَلَامَهُ لَا عَلَى نَهْجِ كَلَامِ الْعُقَلَاءِ لِاتِّبَاعِ الْهَوَى وَمُكَابَرَةِ الْعَقْلِ لَا لِنُقْصَانٍ فِي عَقْلِهِ، فَكَذَلِكَ السَّفِيهُ وَالْعِتْقُ مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ فَيَصِحُّ مِنْهُ
وَلَوْ بَاعَ السَّفِيهُ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي عِنْدَهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ دَائِرٌ بَيْنَ الضَّرَرِ) وَهُوَ إهْدَارُ آدَمِيَّتِهِ (وَالنَّظَرِ) لَهُ فِي إبْقَاءِ الْمَبِيعِ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا كَانَ (فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ وَهُوَ الْقَضَاءُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ مَحْجُورًا) عَلَيْهِ (عِنْدَهُ إذْ الْعِلَّةُ عِنْدَهُ هِيَ السَّفَهُ بِمَنْزِلَةِ الصِّبَا) وَهُوَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ (وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِيرُ مَحْجُورًا حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِيرُ مَحْجُورًا بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا) يَعْنِي بَعْدَ الْحَجْرِ (نَفَذَ عِتْقُهُ عِنْدَهُمَا) وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فَلَمْ يُخَصَّ قَوْلُهُمَا بِالذِّكْرِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْحُكْمُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ فِي نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِ الْمَحْجُورِ بِسَبَبِ السَّفَهِ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ عِنْدَهُ بَلْ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يُؤَثِّرُ فِيهَا الْحَجْرُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ. وَعَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا يَنْفُذُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ (وَ) ذَكَرَ أَنَّ (الْأَصْلَ عِنْدَهُمَا أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَجْرُ، وَمَا لَا فَلَا لِأَنَّ السَّفِيهَ فِي مَعْنَى الْهَازِلِ) لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْهَازِلَ يَخْرُجُ كَلَامُهُ لَا عَلَى نَهْجِ كَلَامِ الْعُقَلَاءِ لِاتِّبَاعِ الْهَوَى وَمُكَابَرَةِ الْعَقْلِ لَا لِنُقْصَانٍ فِي عَقْلِهِ فَكَذَلِكَ السَّفِيهُ وَالْعِتْقُ مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ فَيَصِحُّ مِنْهُ) وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ السَّفِيهَ لَوْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَأَعْتَقَ رَقَبَةً لَمْ يُنَفِّذْهُ الْقَاضِي وَكَذَا لَوْ نَذَرَ بِهَدْيٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُنَفِّذْهُ فَهَذَا مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ لِقَوْلِهِ ﷺ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ» وَقَدْ أَثَّرَ فِيهِ الْحَجْرُ بِالسَّفَهِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْهَازِلَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَتَقَ وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ سِعَايَةٌ وَالْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ إذَا أَعْتَقَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ، فَالْهَزْلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي وُجُوبِ السِّعَايَةِ وَالْحَجْرُ أَثَّرَ فِيهِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ السَّفِيهِ لَا فِي حَقِّ الْهَازِلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute