للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ السَّفَهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الرِّقِّ حَتَّى لَا يَنْفُذُ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا الطَّلَاقَ كَالْمَرْقُوقِ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يَصِحُّ مِنْ الرَّقِيقِ فَكَذَا مِنْ السَّفِيهِ (وَ) إذَا صَحَّ عِنْدَهُمَا (كَانَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ) لِأَنَّ الْحَجْرَ لِمَعْنَى النَّظَرِ وَذَلِكَ فِي رَدِّ الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ فَيَجِبُ رَدُّهُ بِرَدِّ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ إنَّمَا تَجِبُ حَقًّا لِمُعْتِقِهِ وَالسِّعَايَةُ مَا عُهِدَ وُجُوبُهَا فِي الشَّرْعِ إلَّا لِحَقِّ غَيْرِ الْمُعْتِقِ (وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ) لِأَنَّهُ يُوجِبُ حَقَّ الْعِتْقِ فَيُعْتَبَرُ بِحَقِيقَتِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ مَا دَامَ الْمَوْلَى حَيًّا لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ

وَالصَّحِيحُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لِقَصْدِهِ اللَّعِبَ بِهِ دُونَ مَا وُضِعَ الْكَلَامُ لَهُ لَا لِنُقْصَانٍ فِي الْعَقْلِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحَجْرِ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْإِتْلَافِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَنْفِيذِ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ، لِأَنَّ فِي تَنْفِيذِهِمَا إضَاعَةَ الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَجْرِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ مَالِهِ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ وَالنَّذْرِ. وَعَنْ الثَّانِي مَا سَيَجِيءُ فِي الْكِتَابِ. وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ قَصْدَ اللَّعِبِ بِالْكَلَامِ وَتَرْكَ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ مُكَابَرَةِ الْعَقْلِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ السَّفَهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الرِّقِّ) فَإِنَّهُ لَا يُزِيلُ الْخِطَابَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِإِلْزَامِ الْعُقُوبَةِ بِاللِّسَانِ بِاكْتِسَابِ سَبَبِهَا، كَمَا أَنَّ الرِّقَّ كَذَلِكَ (فَلَا يَنْفُذُ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا الطَّلَاقُ كَالرَّقِيقِ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يَصِحُّ مِنْ الرَّقِيقِ فَكَذَا مِنْ السَّفِيهِ) قُلْنَا: لَيْسَ السَّفَهُ كَالرِّقِّ لِأَنَّ حَجْرَ الرِّقِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُلَاقِيهِ تَصَرُّفُهُ، حَتَّى إنَّ تَصَرُّفَهُ فِيمَا لَا حَقَّ لِلْغَيْرِ فِيهِ نَافِذٌ كَالْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَهَاهُنَا لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُلَاقِيهِ تَصَرُّفُهُ فَيَكُونُ نَافِذًا (فَإِذَا صَحَّ عِنْدَهُمَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِمَعْنَى النَّظَرِ وَذَلِكَ فِي رَدِّ الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ) لِعَدَمِ قَبُولِهِ الْفَسْخَ (فَيَجِبُ رَدُّهُ بِرَدِّ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ) لِأَجْلِ النَّظَرِ لِغُرَمَائِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ لِغُرَمَائِهِ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ لِمَعْنَى النَّظَرِ إلَى آخِرِ النُّكْتَةِ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ، لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَتْ حَقًّا لِمُعْتِقِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي الشَّرْعِ وَإِنَّمَا الْمَعْهُودُ أَنْ يَجِبَ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ) كَمَا فِي إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْعَى لِلسَّاكِتِ (وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ يُوجِبُ حَقَّ الْعِتْقِ فَيُعْتَبَرُ بِحَقِيقَتِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ إنْشَاءَ حَقِيقَةِ الْعِتْقِ فَلَأَنْ يَمْلِكَ إنْشَاءَ حَقِّهِ كَانَ أَوْلَى (إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ) وَالْبَاقِي عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ دَيْنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>