انْقِطَاعِهِ عَنْ أَمْوَالِهِ وَالْوَصِيَّةُ تَخْلُفُ ثَنَاءً أَوْ ثَوَابًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْرِيعَاتِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.
قَالَ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَى الْفَاسِقِ إذَا كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ عِنْدَنَا وَالْفِسْقُ الْأَصْلِيُّ وَالطَّارِئُ سَوَاءٌ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُحْجَرُ عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ وَعُقُوبَةً عَلَيْهِ كَمَا فِي السَّفِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ. وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ الْآيَةَ. وَقَدْ أُونِسَ مِنْهُ نَوْعُ رُشْدٍ فَتَتَنَاوَلُهُ النَّكِرَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عِنْدَنَا لِإِسْلَامِهِ فَيَكُونُ وَالِيًا لِلتَّصَرُّفِ، وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ
إذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْمَرِيضِ، وَالْقِيَاسُ يَنْفِيهَا كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ فِي حَيَاتِهِ، وَاسْتَحْسَنُوا فِيهَا إذَا وَافَقَ الْحَقَّ وَمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّ نَظَرَهُ فِيهِ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بَعْدَ وُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ مِنْ الْمَالِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، وَحِينَئِذٍ لَا نَظَرَ لَهُ فِي الْمَانِعِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ لَهُ فِي اكْتِسَابِ الثَّنَاءِ الْحَسَنِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي تَنْفِيذِهَا ذَلِكَ (وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْرِيعَاتِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى) فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ: إنَّ الَّذِي بَلَغَ سَفِيهًا وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَهُوَ يَعْقِلُ مَا يَصْنَعُهُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ، إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ وَلِوَصِيِّ الْأَبِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَى الصَّغِيرِ يَشْتَرِي لَهُ مَالًا وَيَبِيعُ، وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْأَبِ وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ عَلَى الْبَائِعِ السَّفِيهِ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُهُ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَجُوزُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ، وَلَا يَجُوزُ طَلَاقُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَلَا عَتَاقُهُ، وَالرَّابِعُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ إذَا دَبَّرَ عَبْدَهُ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، وَهَذَا السَّفِيهُ إذَا دَبَّرَ عَبْدَهُ صَحَّ تَدْبِيرُهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُحْجَرُ عَلَى الْفَاسِقِ إذَا كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ عِنْدَنَا، وَالْفِسْقُ الْأَصْلِيُّ وَالطَّارِئُ سَوَاءٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يُحْجَرُ عَلَيْهِ) وَمَبْنَى هَذَا الِاخْتِلَافِ عَلَى أَنَّ الْحَجْرَ عِنْدَهُ لِلزَّجْرِ وَالْعُقُوبَةِ وَالْفَاسِقُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ. وَعِنْدَهُمَا لِلنَّظَرِ لَهُ فِي مَالِهِ فَإِذَا أَصْلَحَ مَالَهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ حَجْرٌ (وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ الْآيَةَ) نَكَّرَ الرُّشْدَ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ مِنْهُ وَالْكَثِيرَ، وَمَنْ أَصْلَحَ فِي مَالِهِ فَقَدْ أُونِسَ مِنْهُ رُشْدٌ (وَلِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ عِنْدَنَا لِإِسْلَامِهِ فَيَكُونُ وَالِيًا لِلتَّصَرُّفِ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ) يَعْنِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute