التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ وَيَمْلِكَ حَجْرَهُ فَلَا يَكُونُ وَالِيًا لِلْمُنَافَاةِ وَصَارَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَامُ بِالْوَلِيِّ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِ فَتَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ إلَى تَنْفِيذِهِ مِنْهُ.
أَمَّا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَتَوَلَّاهُ الْوَلِيُّ فَلَا ضَرُورَةَ هَاهُنَا. وَلَنَا أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمَشْرُوعَ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَوَجَبَ تَنْفِيذُهُ عَلَى مَا عُرِفَ تَقْرِيرُهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ. وَالصِّبَا سَبَبُ الْحَجْرِ لِعَدَمِ الْهِدَايَةِ لَا لِذَاتِهِ، وَقَدْ ثَبَتَتْ نَظَرًا إلَى إذْنِ الْوَلِيِّ،
فِي الْجَوَازِ، وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ كَانَ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِ التَّقْيِيدِ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ وَصَيْرُورَتُهُ مَأْذُونًا بِالسُّكُوتِ وَصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِمَا فِي يَدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْعَبْدِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ لِأَنَّ حَجْرَهُ لِصِيَانَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ بَاقٍ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَبَقَاءُ الْعِلَّةِ يَسْتَلْزِمُ الْمَعْلُولَ لَا مَحَالَةَ، بِخِلَافِ حَجْرِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلرِّقِّ نَفْسِهِ بَلْ لِحَقِّ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهِ رَاضِيًا بِتَصَرُّفِهِ حِينَئِذٍ، وَلِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمَوْلَى التَّصَرُّفَ وَالْحَجْرَ عَلَيْهِ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ وَالِيًا لِلْمُنَافَاةِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ مَوْلِيًّا عَلَيْهِ سِمَةُ الْعَجْزِ وَكَوْنُهُ وَالِيًا سِمَةُ الْقُدْرَةِ فَصَارَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَلَا يَصِحَّانِ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ النَّفْلِ وَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَامَانِ بِالْوَلِيِّ فَيَصِحَّانِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِ) يَعْنِي قُلْت بِصِحَّتِهَا كَصِحَّتِهِمَا إذَا كَانَتْ فِي أَبْوَابِ الْخَيْرِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْوَلِيِّ فِي حَقِّهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ فِيهِ وَمَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الصَّبِيِّ فِيهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ الضَّرُورَةِ (وَقَدْ تَحَقَّقَتْ) فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا (إمَّا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَتَوَلَّاهُ الْوَلِيُّ فَلَا ضَرُورَةَ.
وَلَنَا أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمَشْرُوعَ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَوَجَبَ تَنْفِيذُهُ) أَمَّا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوعٌ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ، وَأَمَّا أَنَّهُ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَلِأَنَّهُ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ يَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ وَيَعْلَمُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ وَالْأَهْلِيَّةُ لِهَذَا التَّصَرُّفِ بِكَوْنِهِ كَذَلِكَ. وَأَمَّا أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ فَلِكَوْنِ الْمَبِيعِ مَالًا مُتَقَوِّمًا. وَأَمَّا الْوِلَايَةُ الشَّرْعِيَّةُ فَلِأَنَّهُ صَدَرَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَالْوَلِيُّ لَهُ هَذَا التَّصَرُّفُ فَكَذَا مَنْ أُذِنَ لَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ الْوَلِيُّ لَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ بِهِ، فَصُدُورُهُمَا مِنْ الصَّبِيِّ لَا يَكُونُ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالصِّبَا سَبَبُ الْحَجْرِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ حَجْرَهُ لِصِبَاهُ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حَجْرَ الصَّبِيِّ لِذَاتِهِ بَلْ بِالْغَيْرِ وَهُوَ عَدَمُ الْهِدَايَةِ فِي أُمُورِ التِّجَارَةِ، فَصَارَ كَالْعَبْدِ فِي كَوْنِ حَجْرِهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ زَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute