للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَقَاءُ وِلَايَتِهِ لِنَظَرِ الصَّبِيِّ لِاسْتِيفَاءِ الْمَصْلَحَةِ بِطَرِيقَيْنِ وَاحْتِمَالِ تَبَدُّلِ الْحَالِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ لِأَنَّهُ ضَارٌّ مَحْضٌ فَلَمْ يُؤَهَّلْ لَهُ. وَالنَّافِعُ الْمَحْضُ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يُؤَهَّلُ لَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ دَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَيُجْعَلُ أَهْلًا لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ لَا قَبْلَهُ، لَكِنْ قَبْلَ الْإِذْنِ يَكُونُ مَوْقُوفًا مِنْهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ نَظَرًا، وَصِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ، وَذِكْرُ الْوَلِيِّ فِي الْكِتَابِ يَنْتَظِمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ عِنْدَ عَدَمِهِ وَالْوَصِيَّ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي، بِخِلَافِ صَاحِبِ الشُّرَطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ تَقْلِيدُ الْقُضَاةِ،

لَوْ لَمْ يَكُنْ هَادِيًا فِي أُمُورِ التِّجَارَةِ لَمَّا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَمَا لَوْ لِلْعَبْدِ الْمَوْلَى.

وَقَوْلُهُ (وَبَقَاءُ وِلَايَتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ الْهِدَايَةُ بِالْإِذْنِ لَمْ يَبْقَ الْوَلِيُّ وَلِيًّا. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ بَقَاءَ وِلَايَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ لِلنَّظَرِ لَهُ، فَإِنَّ الصِّبَا مِنْ أَسْبَابِ الْمَرْحَمَةِ بِالْحَدِيثِ، وَفِي اعْتِبَارِ كَلَامِهِ فِي التَّصَرُّفِ نَفْعٌ مَحْضٌ لِاسْتِيفَاءِ الْمَصْلَحَةِ بِطَرِيقَيْنِ: أَيْ بِمُبَاشَرَةِ وَلِيِّهِ لَهُ وَبِمُبَاشَرَةِ نَفْسِهِ فَكَانَ مَرْحَمَةً فِي حَقِّهِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ، وَلِاحْتِمَالِ تَبَدُّلِ الْحَالِ فَإِنَّ حَالَ الصَّبِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَبَدَّلَ مِنْ الْهِدَايَةِ إلَى غَيْرِهَا فَأَبْقَيْنَا وِلَايَةَ الْوَلِيِّ لِيُتَدَارَكَ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَصَارَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: نَافِعٌ مَحْضٌ، وَضَارٌّ مَحْضٌ، وَمُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا. فَالْأَوَّلُ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يُؤَهَّلُ لَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ وَبَعْدَهُ. وَالثَّانِي كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا يُؤَهَّلُ لَهُ أَصْلًا. وَالثَّالِثُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يُؤَهَّلُ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ لِأَنَّ نُقْصَانَ رَأْيِهِ يَنْجَبِرُ بِرَأْيِ الْوَلِيِّ لَا قَبْلَهُ، لَكِنْ قَبْلَ الْإِذْنِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ نَظَرًا فَإِنَّهُ أَحَدُ الْمُحْتَمَلَيْنِ، وَصِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ كَانَ نَافِعًا مَحْضًا كَقَبُولِ الْهِبَةِ فَيَجِبُ نُفُوذُهُ بِلَا تَوَقُّفٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْوَضْعُ لَا الْجُزْئِيَّاتُ الْوَاقِعَةُ اتِّفَاقًا (وَذِكْرُ الْوَلِيِّ فِي الْكِتَابِ يَنْتَظِمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ عِنْدَ عَدَمِهِ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ وَصِيَّ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ وَتَرْتِيبُهُ وَلِيُّهُ وَهُوَ الْأَبُ ثُمَّ وَصِيُّ الْأَبِ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُ الْأَبِ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْقَاضِي أَوْ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْوَالِي (بِخِلَافِ صَاحِبِ الشَّرْطِ) يُرِيدُ بِهِ أَمِيرَ الْبَلْدَةِ كَأَمِيرِ بُخَارَى فَكَانَ الْوَالِي أَكْبَرَ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>