للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَتُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَلَوْ أَبَحْنَا الْحِيلَةَ مَا دَفَعْنَاهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَنَعَ عَنْ إثْبَاتِ الْحَقِّ فَلَا يُعَدُّ ضَرَرًا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ

(مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ) قَالَ (وَإِذَا اشْتَرَى خَمْسَةُ نَفَرٍ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ خَمْسَةٍ أَخَذَهَا كُلَّهَا أَوْ تَرَكَهَا) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي بِأَخْذِ الْبَعْضِ تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَتَضَرَّرَ بِهِ زِيَادَةَ الضَّرَرِ، وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَقُومُ الشَّفِيعُ مَقَامَ أَحَدِهِمْ فَلَا تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، إلَّا أَنَّ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إذَا نَقَدَ مَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَنْقُدْ الْآخَرُ حِصَّتَهُ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ الْيَدِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ سَقَطَتْ يَدُ الْبَائِعِ، وَسَوَاءً سَمَّى لِكُلِّ بَعْضٍ ثَمَنًا أَوْ كَانَ الثَّمَنُ جُمْلَةً، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لَا لِلثَّمَنِ، وَهَاهُنَا تَفْرِيعَاتٌ ذَكَرْنَاهَا

ــ

[العناية]

بِالْإِجْمَاعِ. وَالثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ. قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَهُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، وَهَذَا الْقَائِلُ قَاسَ فَصْلَ الشُّفْعَةِ عَلَى فَصْلِ الزَّكَاةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تُكْرَهُ الْحِيلَةُ لِمَنْعِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي فَصْلِ الزَّكَاةِ.

[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَة فِي الْكَرَاهِيَة]

مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ ذَكَرَ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً فِي آخِرِ الْكِتَابِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ مَسَائِلِ الشُّفْعَةِ إلَّا هَذِهِ، وَأَلْفَاظُهُ ظَاهِرَةٌ سِوَى مَا نُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ) أَيْ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَزِيَادَةُ الضَّرَرِ هِيَ زِيَادَةُ ضَرَرِ التَّشْقِيصِ، فَإِنَّ أَخْذَ الْمِلْكِ مِنْهُ ضَرَرٌ وَضَرَرُ التَّشْقِيصِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَالشُّفْعَةُ شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الدَّخِيلِ فَلَا تُشْرَعُ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ الدَّخِيلُ ضَرَرًا زَائِدًا، وَقَوْلُهُ (وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا) أَيْ فِي جَوَازِ أَخْذِ الشَّفِيعِ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرَيَيْنِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَبَعْدَهُ. وَقَوْلُهُ (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا رَوَاهُ الْقُدُورِيُّ. قَالَ: رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ اثْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يَقَعُ عَلَى الْبَائِعِ فَتَتَفَرَّقُ عَلَيْهِ الصَّفْقَةُ. وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ حِينَئِذٍ يَقَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مِلْكِهِ. وَقَوْلُهُ (بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْمُشْتَرِيَيْنِ إذَا نَقَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلُّهُمْ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الثَّمَنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَفْرِيقُ الْيَدِ عَلَى الْبَائِعِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لَا لِلثَّمَنِ) حَتَّى لَوْ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا وَالْبَائِعُ اثْنَيْنِ وَاشْتَرَى نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَحِقَ الْمُشْتَرِيَ ضَرَرُ عَيْبِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>