نَعَمْ قَدْ يُفْسَخُ التَّدْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لَكِنَّ الْبَيْعَ بَعْدَهُ يُصَادِفُ الْقِنَّ.
قَالَ (وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَهُوَ يُنْكِرُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِالْحُجَّةِ الْمُلْزِمَةِ.
بِالضَّمَانِ أَوْ التَّرَاضِي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ ﵀ فِي الْمَبْسُوطِ: وَهَذَا وَهْمٌ، فَإِنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ لِلْغَاصِبِ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْوَلَدُ، وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ هُوَ السَّبَبُ لَكَانَ إذَا تَمَّ الْمِلْكُ بِذَلِكَ السَّبَبِ يَمْلِكُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ وَمَعَ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ بَعْضُ الشُّنْعَةِ، فَالْغَصْبُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ وَالْمِلْكُ حُكْمٌ مَشْرُوعٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ، فَيَكُونُ سَبَبُهُ مَشْرُوعًا مَرْغُوبًا فِيهِ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُجْعَلَ الْعُدْوَانُ الْمَحْضُ سَبَبًا لَهُ، فَإِنَّهُ تَرْغِيبٌ لِلنَّاسِ فِيهِ لِتَحْصِيلِ مَا هُوَ مَرْغُوبٌ لَهُمْ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ مِثْلِهِ إلَى الشَّرْعِ. وَقِيلَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِكَوْنِ الْغَصْبِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ أَنَّهُ يُوجِبُهُ مُطْلَقًا بَلْ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ، وَالثَّابِتُ بِهِ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ.
وَقَوْلُهُ (نَعَمْ قَدْ يُفْسَخُ التَّدْبِيرُ بِالْقَضَاءِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ، فَإِنَّ مَوْلَاهُ لَوْ بَاعَهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ جَازَ الْبَيْعُ وَفُسِخَ التَّدْبِيرُ. وَتَقْرِيرُهُ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ: يَعْنِي نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ هُوَ فِي ضِمْنِ قَضَاءِ الْقَاضِي فِي الْفَصْلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ فَحِينَئِذٍ كَانَ مُصَادِفًا لِلْقِنِّ لَا لِلْمُدَبَّرِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِمُصَادَفَتِهِ الْقِنَّ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَمْ يَنْفَسِخْ التَّدْبِيرُ وَالْكَلَامُ فِيهِ. قَالَ (وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ) إذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) فَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغَاصِبِ بَلْ يَكُونُ لِلْمَالِكِ (لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِالْحُجَّةِ الْمُلْزِمَةِ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْغَاصِبِ وَلِلْغَاصِبِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ، بَلْ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَنْفِي الزِّيَادَةَ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ.
وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ﵏: يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ. وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ ﵀ يَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُدَّتْ مُشْكِلَةً. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْمُودَعَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ، وَبِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَسْقَطَهَا وَارْتَفَعَتْ الْخُصُومَةُ. وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَعَلَيْهِ هَاهُنَا الْيَمِينُ وَالْقِيمَةُ، وَبِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا الْيَمِينُ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْوَدِيعَةِ. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ ﵀ اخْتَارَ قَوْلَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute