قَالَ (فَإِنْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ وَقَدْ ضَمِنَهَا بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ الْغَاصِبُ)؛ لِأَنَّهُ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ بِسَبَبٍ اتَّصَلَ بِهِ رِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْمِقْدَارَ. قَالَ (فَإِنْ كَانَ ضَمِنَهُ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَيْنَ وَرَدَّ الْعِوَضَ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ حَيْثُ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَأَخَذَهُ دُونَهَا لِعَدَمِ الْحُجَّةِ. وَلَوْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا مِثْلَ مَا ضَمَّنَهُ أَوْ دُونَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْأَخِيرِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ ﵀ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ حَيْثُ لَمْ يُعْطِ لَهُ مَا يَدَّعِيهِ وَالْخِيَارُ لِفَوَاتِ الرِّضَا.
قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ فَقَدْ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ)؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ الثَّابِتَ فِيهِ نَاقِصٌ لِثُبُوتِهِ مُسْتَنِدًا أَوْ ضَرُورَةً، وَلِهَذَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْأَكْسَابِ دُونَ الْأَوْلَادِ، وَالنَّاقِصُ يَكْفِي لِنُقُودِ الْبَيْعِ دُونَ
قَالَ: ذِكْرُ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ مُحَمَّدٌ ﵀ فِي الْأَصْلِ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً لَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ ﵀: يَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، لِأَنَّهُ قَالَ: أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَ جَارِيَةً لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقِيمَتَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَصَحَّ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَمْتَنِعُ عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ عَادَةً، وَحِينَ يُغْصَبُ إنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْ الشُّهُودِ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ دُونَ الْعِلْمِ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُ عِلْمِهِمْ بِالْأَوْصَافِ لِأَجْلِ التَّعَذُّرِ، وَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ فِعْلُ الْغَصْبِ فِي مَحَلٍّ هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، فَصَارَ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَثُبُوتِهِ بِإِقْرَارِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ، وَهُوَ مَا قَالَ: تَأْوِيلُهَا أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ، فَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ الْغَصْبِ فَلَا تُقْبَلُ مَعَ جَهَالَةِ الْمَغْصُوبِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَغْصُوبِ وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ مُمْكِنٍ (فَإِنْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ) فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ بَعْدَ تَمَامِ الرِّضَا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ ضَمِنَهَا بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمَالِكُ أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ وَالْعَيْنُ لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّهُ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ بِسَبَبٍ اتَّصَلَ بِهِ رِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْمِقْدَارَ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَمَا لَوْ ضَمِنَهُ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ، إنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَيْنَ وَرَدَّ الْعِوَضَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ حَيْثُ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ، فَإِنْ قِيلَ: أَخْذُهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الرِّضَا فَكَانَتْ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَأَخْذُهُ دُونَهَا) أَيْ أَخْذُ الْمَالِكِ مَا دُونَ الزِّيَادَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الرِّضَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَهِيَ عَدَمُ الْحُجَّةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ كَانَتْ بِاخْتِيَارِهِ (وَلَوْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ مَا ضَمِنَهُ أَوْ دُونَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْأَخِيرِ) يَعْنِي مَا إذَا ضَمِنَهُ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ (فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ) أَيْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَيْنَ وَرَدَّ الْعِوَضَ (فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) وَقَالَ الْكَرْخِيُّ ﵀: لَا خِيَارَ لَهُ فِي اسْتِرْدَادِهَا لِأَنَّهُ تَوَفَّرَ عَلَيْهِ بَدَلُ مِلْكِهِ بِكَمَالِهِ (وَهُوَ) أَيْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (الْأَصَحُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِزَوَالِ الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِهِ حَيْثُ لَمْ يُعْطِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَمَا لَمْ يَتِمَّ الرِّضَا لَمْ يَسْقُطْ الْخِيَارُ.
قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute