فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ. كَمَا إذَا حُمَّتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا فَهَلَكَتْ. أَوْ زَنَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ رَدَّهَا فَجُلِدَتْ فَهَلَكَتْ مِنْهُ، وَكَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ حَبِلَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ. وَلَهُ أَنَّهُ غَصَبَهَا وَمَا انْعَقَدَ فِيهَا سَبَبُ التَّلَفِ وَرُدَّتْ وَفِيهَا ذَلِكَ فَلَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَخَذَ فَلَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ، وَصَارَ كَمَا إذَا جَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً فَقُتِلَتْ بِهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ، أَوْ دُفِعَتْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً يُرْجَعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِكُلِّ الْقِيمَةِ. كَذَا هَذَا. بِخِلَافِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ لِيَبْقَى ضَمَانُ الْغَصْبِ بَعْدَ فَسَادِ الرَّدِّ. وَفِي فَصْلِ الشِّرَاءِ الْوَاجِبِ ابْتِدَاءِ التَّسْلِيمِ. مَا ذَكَرْنَا شَرْطُ صِحَّةِ الرَّدِّ وَالزِّنَا سَبَبٌ لِجَلْدٍ مُؤْلِمٍ لَا جَارِحٍ وَلَا مُتْلِفٍ فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. .
قَالَ (وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَنَافِعَ مَا غَصَبَهُ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ بِاسْتِعْمَالِهِ فَيَغْرَمُ النُّقْصَانَ)
كَمَا إذَا حُمَّتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا فَهَلَكَتْ أَوْ زَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَرَدَّهَا فَجُلِدَتْ فَهَلَكَتْ مِنْهُ، وَكَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ حَبِلَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ) وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْحَبَلِ (فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ) فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا لَكِنْ يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَبَلِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الرَّدَّ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَخَذَ وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا، فَإِنَّهُ غَصَبَهَا وَمَا انْعَقَدَ فِيهَا سَبَبُ التَّلَفِ وَرَدُّهَا وَفِيهَا ذَلِكَ (فَصَارَ كَمَا إذَا جَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقُتِلَتْ بِهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ دَفَعَتْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِكُلِّ الْقِيمَةِ كَذَا هَذَا. بِخِلَافِ الْحُرَّةِ) إذَا زَنَى بِهَا رَجُلٌ مُكْرَهَةً فَحَبِلَتْ وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا (لِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ) وَلِهَذَا لَوْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ فَلَا يَبْقَى ضَمَانُ الْغَصْبِ بَعْدَ فَسَادِ الرَّدِّ بِكَوْنِهَا حُبْلَى (قَوْلُهُ وَفِي فَصْلِ الشِّرَاءِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا كَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ حَبِلَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ بِطَرِيقِ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ فَصْلَ الشِّرَاءِ الْوَاجِبِ عَلَى الْبَائِعِ ابْتِدَاءُ التَّسْلِيمِ: أَيْ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَمَوْتُهَا بِالنِّفَاسِ لَا يَعْدَمُ التَّسْلِيمَ (وَمَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِ (شَرْطٌ لِصِحَّةِ الرَّدِّ) وَلَمْ يُوجَدْ فَكَانَ تَمْثِيلُ مَا لَمْ يُوجَدْ بِشَرْطِهِ عَلَى مَا وُجِدَ بِشَرْطٍ وَهُوَ تَمْثِيلٌ فَاسِدٌ، قِيلَ: وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا الْعَيْنَ إذْ الْأَوْصَافُ لَا تَدْخُلُ فِي الشِّرَاءِ وَلِهَذَا لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَقَدْ وُجِدَ، فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ فِي يَدِهِ. وَأَمَّا الْغَصْبُ فَالْأَوْصَافُ دَاخِلَةٌ فِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً سَمِينَةً فَهَزَلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَرَدَّهَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِذَا دَخَلَتْ الْأَوْصَافُ فِيهِ كَانَ الرَّدُّ بِدُونِهَا رَدًّا فَاسِدًا. وَأَمَّا إذَا حُمَّتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلِأَنَّ سَبَبَ الْمَوْتِ مَا بِهَا مِنْ الْحُمَّى وَالضَّعْفِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ مَادَّةً كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ حَدَثَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ مُرَكَّبَةً مِنْهُمَا فَلَا يُضَافُ إلَى سَبَبٍ قَائِمٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ وَالزِّنَا سَبَبٌ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا أَوْ زَيْتٌ فِي يَدِهِ إلَخْ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الزِّنَا الَّذِي وُجِدَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنَّمَا يُوجِبُ الْجَلْدَ الْمُؤْلِمَ لَا الْجَارِحَ وَلَا الْمُتْلِفَ، وَلَمَّا جُلِدَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِجَلْدٍ مُتْلِفٍ كَانَ غَيْرَ مَا وَجَبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يَضْمَنُ.
قَالَ (وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَنَافِعَ مَا غَصَبَهُ إلَخْ) مَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، لَكِنْ إنْ نَقَصَ بِاسْتِعْمَالِهِ غَرِمَ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: مَضْمُونَةٌ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَذْهَبَيْنِ بَيْنَ التَّعْطِيلِ وَالِاسْتِعْمَالِ، وَرُبَّمَا سَمَّى الْأَوَّلَ غَصْبًا وَالثَّانِي إتْلَافًا فِي شُمُولِ الْعَدَمِ عِنْدَنَا وَشُمُولِ الْوُجُودِ عِنْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute