وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى عَنْ عُقُودِهِمْ، وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ يَكُونُ لِلذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّا مَا ضَمِنَّا لَهُمْ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ، وَبِخِلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا إذَا كَانَ لِمَنْ يُبِيحُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ. .
قَوْلُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّبَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْ تَمَلُّكِ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ، كَذَا قِيلَ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ نَحْنُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ إلَى آخِرِهِ لَا تُسَاقُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْعَطْفِ حِينَئِذٍ (وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عُقُودِهِمْ) يَعْنِي بِعَدَمِ الْجَوَازِ لِقَوْلِهِ ﷺ «أَلَا مَنْ أَرْبَى فَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْدٌ» وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِسْقٌ مِنْهُمْ لَا تَدَيُّنٌ لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي دِينِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ (وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِلذِّمِّيِّ) فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُ الذِّمِّيِّ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَهُوَ أَيْضًا فِي الْحَقِيقَةِ مَقِيسٌ عَلَيْهِ لِلشَّافِعِيِّ ﵀.
وَوَجْهُ الْجَوَابِ (أَنَّا مَا ضَمَّنَا لَهُمْ تَرْكُ التَّعَرُّضِ) لِلْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِلذِّمِّيِّ (لِمَا فِيهِ) أَيْ فِي تَرْكِ التَّعَرُّضِ (مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ) بِالتَّرْكِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ. وَاسْتَشْكَلَ هَذَا التَّعْلِيلُ بِمَا إذَا أَتْلَفَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ صَلِيبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ صَلِيبًا، وَفِي تَرْكِ التَّعَرُّضِ اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ أَصْلِيٌّ، فَالنَّصْرَانِيُّ مُقِرٌّ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الِارْتِدَادِ (وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ: يَعْنِي لَمَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ الْبَاطِلِ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَتْرُكَ أَهْلَ الِاجْتِهَادِ عَلَى مَا اعْتَقَدُوهُ مَعَ احْتِمَالِ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى. وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ نَقُولَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي اعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ ﵀.
وَوَجْهُ الْجَوَابِ مَا قَالَهُ أَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَاجَّةِ ثَابِتَةٌ، وَالدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى حُرْمَتِهِ قَائِمٌ فَلَمْ يَعْتَبِر اعْتِقَادَهُمْ فِي إيجَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute