وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَجِبُ إذَا رَغِبَ الْبَائِعُ عَنْ مِلْكِ الدَّارِ، وَالْبَيْعُ يُعَرِّفُهَا وَلِهَذَا يُكْتَفَى بِثُبُوتِ الْبَيْعِ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَأْخُذَهَا الشَّفِيعُ إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يُكَذِّبُهُ. .
قَالَ (وَتَسْتَقِرُّ بِالْإِشْهَادِ، وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ)؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ضَعِيفٌ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَالطَّلَبِ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ رَغْبَتُهُ فِيهِ دُونَ إعْرَاضِهِ عَنْهُ،
قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ (أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَجِبُ إذَا رَغِبَ الْبَائِعُ عَنْ مِلْكِ الدَّارِ) وَرَغْبَتُهُ عَنْهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَلَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْبَيْعُ فَيُقَامُ مَقَامَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاتِّصَالَ بِالْمِلْكِ سَبَبٌ، وَالرَّغْبَةُ عَنْ الْمِلْكِ شَرْطٌ، وَالْبَيْعُ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِهِ صَحَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي. وَنُوقِضَ بِمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الرَّغْبَةَ عَنْهُ قَدْ عُرِفَتْ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدًا لِبَقَاءِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يُخْبِرُ بِهِ عَنْ انْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَعُومِلَ بِهِ كَمَا زَعَمَهُ، وَالْهِبَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ غَرَضُ الْوَاهِبِ الْمُكَافَأَةُ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ.
قَالَ (وَتَسْتَقِرُّ بِالْإِشْهَادِ) لِلشُّفْعَةِ أَحْوَالُ اسْتِحْقَاقٍ، وَهُوَ بِالِاتِّصَالِ بِالْمِلْكِ بِشَرْطِ الْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتِقْرَارٍ وَهُوَ بِالْإِشْهَادِ وَهُوَ يَعْتَمِدُ الطَّلَبَ، وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ: أَيْ مِنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْمُسَارَعَةِ قَضَى فِي الطَّلَبِ إلَى الْمُوَاثَبَةِ لِتَلَبُّسِهِ بِهَا لِأَنَّهُ: أَيْ الشُّفْعَةَ ذَكَّرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا إلَى حَقٍّ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ، قَالَ ﵊ «وَالشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ، إنْ قَيَّدَهَا ثَبَتَ» وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ السُّقُوطِ، كُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعْرَضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute