يَقْطَعُ حَقَّ الْغَائِبِ عَنْ النِّصْفِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ. .
قَالَ (وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ) وَمَعْنَاهُ بَعْدَهُ لَا أَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الِاتِّصَالُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ،
وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ غَائِبًا يُقْضَى بِهَا بَيْنَ الْحَاضِرِينَ عَلَى عَدَدِهِمْ لِأَنَّ الْغَائِبَ لَعَلَّهُ لَا يَطْلُبُ: يَعْنِي قَدْ يَطْلُبُ وَقَدْ لَا يَطْلُبُ، فَلَا يُتْرَكُ حَقُّ الْحَاضِرِينَ بِالشَّكِّ؛ وَإِنْ قُضِيَ لِحَاضِرٍ بِالْجَمِيعِ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ وَطَلَبَهَا يُقْضَى لَهُ بِالنِّصْفِ، فَإِنْ حَضَرَ ثَالِثٌ فَبِثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا النِّصْفَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا قَضَى بَيْنَهُمَا صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْضِيًّا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبٍ فِيمَا قُضِيَ بِهِ لِصَاحِبِهِ، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي قَضِيَّةٍ لَا يَصِيرُ مَقْضِيًّا لَهُ فِيهَا، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا اسْتَوَوْا فِي سَبَبِهَا وَبَيْنَ مَا يَكُونُ بَعْضُهُمْ أَقْوَى كَالشَّرِيكِ مَعَ الْجَارِ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ: أَيْ أَصَرَّ بَعْدَمَا قُضِيَ لَهُ بِالْجَمِيعِ لَا يَأْخُذُ الْقَادِمُ إلَّا النِّصْفَ وَهُوَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالْكُلِّ لِلْحَاضِرِ قَطَعَ حَقَّ الْغَائِبِ عَنْ النِّصْفِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ
قَالَ (وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ) وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ فَيَكُونُ سَبَبُهَا الْعَقْدَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (لِأَنَّ سَبَبَهَا الِاتِّصَالُ عَلَى مَا بَيَّنَّا) يَعْنِي فِي قَوْلِهِ وَلَنَا أَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الدَّخِيلِ عَنْ الْأَصِيلِ لِسُوءِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ، وَالضَّرَرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِاتِّصَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الشَّفْعِ، وَلِهَذَا قُلْنَا بِثُبُوتِهَا لِلشَّرِيكِ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ وَلِلْجَارِ لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَبُ لَجَازَ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ الْمَبِيعِ لِوُجُودِهِ بَعْدَ السَّبَبِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ صَحِيحٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَبِيعَ شَرْطٌ وَلَا وُجُودَ لِلْمَشْرُوطِ قَبْلَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بَعْدَ تَحْقِيقِ السَّبَبِ فِي حَقِّ صَحِيحَةِ التَّسْلِيمِ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَإِسْقَاطِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي شَرْطِ الْجَوَازِ وَامْتِنَاعِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ تَحْقِيقِ الشَّرْطِ غَيْرُ خَافٍ عَلَى أَحَدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute