للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَقْضِي الْأُخْرَيَيْنِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْضِي اعْتِبَارًا لِلشُّرُوعِ بِالنَّذْرِ. وَلَهُمَا أَنَّ الشُّرُوعَ يَلْزَمُ مَا شُرِعَ فِيهِ وَمَا لَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِهِ، وَصِحَّةُ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي، بِخِلَافِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا سُنَّةُ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَقِيلَ يَقْضِي أَرْبَعًا احْتِيَاطًا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ.

(وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا أَعَادَ رَكْعَتَيْنِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ:

(وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْضِي اعْتِبَارًا بِالنَّذْرِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْأَرْبَعِ قَارَنَتْ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الشُّرُوعُ فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ كَمَا إذَا نَذَرَ، فَإِنَّ نِيَّةَ الْأَرْبَعِ قَارَنَتْ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ النَّذْرُ.

وَلَهُمَا أَنَّ الشُّرُوعَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ مَا شَرَعَ فِيهِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الْأُولَى، وَلِوُجُوبِ مَا لَا يَصِحُّ مَا شَرَعَ فِيهِ إلَّا بِهِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْبُتَيْرَاءَ مُنْهًى عَنْهَا، وَالشَّفْعُ الثَّانِي لَيْسَ مَا شَرَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْرُوضَ وَلَا مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ مَا شَرَعَ فِيهِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا بِالشُّرُوعِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ، وَمَا لَا يَكُونُ وَاجِبًا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُقَارِنْ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الشُّرُوعُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ، بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْأَرْبَعِ قَارَنَتْ سَبَبَ الْوُجُوبِ فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ (وَعَلَى هَذَا سُنَّةُ الظُّهْرِ) فَإِنْ أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا يَقْضِيهِمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقْضِي (وَقِيلَ يَقْضِي أَرْبَعًا احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) حَتَّى إنَّ الزَّوْجَ إذَا خَيَّرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ، أَوْ أَخْبَرَتْ بِشُفْعَةٍ لَهَا فَأَتَمَّتْ أَرْبَعًا لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَلَا شُفْعَتُهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ.

قَالَ (وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُلَقَّبُ بِمَسْأَلَةِ الثَّمَانِيَةِ، وَالْوُجُوهُ الْآتِيَةُ فِيهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَهِيَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْجَمِيعِ، تَرَكَ فِي الْجَمِيعِ، تَرَكَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ، تَرَكَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي، تَرَكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، تَرَكَ فِي الثَّانِيَةِ، تَرَكَ فِي الثَّالِثَةِ، تَرَكَ فِي الرَّابِعَةِ، تَرَكَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، تَرَكَ فِي الْأَوَّلِ وَالرَّابِعَةِ، تَرَكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالشَّفْعِ الثَّانِي، تَرَكَ فِي الثَّانِيَةِ وَالشَّفْعِ الثَّانِي، تَرَكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، تَرَكَ فِي الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ، تَرَكَ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، تَرَكَ فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا. وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَقْسَامِ الْفَسَادِ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَاَلَّتِي يَقْرَأُ فِي جَمِيعِهَا لَيْسَتْ مِنْهَا، وَتَدَاخَلَتْ مِنْهَا سَبْعَةُ أَوْجُهٍ فِي الْبَاقِيَةِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ فَعَادَتْ ثَمَانِيَةً، فَعَلَيْك بِتَمْيِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>