الشُّفْعَةُ) وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَوْ بِيعَ لَا شُفْعَةَ لَهُ، وَمَنْ اشْتَرَى أَوْ اُبْتِيعَ لَهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ بِأَخْذِ الْمَشْفُوعَةِ يَسْعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَالْمُشْتَرِي لَا يُنْقَضُ شِرَاؤُهُ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ مِثْلُ الشِّرَاءِ (وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنَ الدَّرْكَ عَنْ الْبَائِعِ وَهُوَ الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَأَمْضَى الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ وَهُوَ الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ بِإِمْضَائِهِ، بِخِلَافِ جَانِبِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي
قَالَ (وَإِذَا بَلَغَ الشَّفِيعَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ أَوْ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ فَتَسْلِيمُهُ بَاطِلٌ وَلَهُ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ لِاسْتِكْثَارِ الثَّمَنِ فِي الْأَوَّلِ وَلِتَعَذُّرِ الْجِنْسِ الَّذِي بَلَغَهُ وَتَيَسُّرِ مَا بِيعَ بِهِ فِي الثَّانِي إذْ الْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ، وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِعَرَضٍ، قِيمَتُهُ أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِدَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ وَقَالَ زُفَرُ: لَهُ الشُّفْعَةُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلَنَا أَنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ فِي حَقِّ الثَّمَنِيَّةِ
أَوْ بِيعَ لَهُ كَرَبِّ الْمَالِ إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ دَارًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَمَنْ اشْتَرَى لِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَى لَهُ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَسْعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَالثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ كَالشِّرَاءِ فِي كَوْنِهَا رَغْبَةً فِي الْمَشْفُوعَةِ وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَبْطُلُ فِي الرَّغْبَةِ عَنْهَا (وَكَذَلِكَ) أَيْ كَوَكِيلِ الْبَائِعِ لَوْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي الدَّرَكَ رَجُلًا عَنْ الْبَائِعِ وَهُوَ الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، لِأَنَّ تَمَامَ الْبَيْعِ إنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي إلَّا بِضَمَانِهِ فَكَانَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ سَعْيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ (وَكَذَا إذَا بَاعَ وَشَرْطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ إلَخْ)
وَإِذَا بَلَغَ الشَّفِيعُ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ مِنْهَا أَوْ بِحِنْطَةٍ أَوْ بِشَعِيرٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرَ فَتَسْلِيمُهُ بَاطِلٌ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ. أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ اسْتِكْثَارًا بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ، فَإِذَا ظَهَرَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ تَسْلِيمُهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: كَأَنَّهُ قَالَ: سَلَّمْت إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا أَرَادَ أَنَّهُ تَسْلِيمٌ مَشْرُوطٌ بِشَرْطٍ فَيَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ سَيَأْتِي، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ، فَإِنَّ مُسْتَكْثِرَ الْأَلْفِ أَكْثَرُ اسْتِكْثَارًا لِلْأَكْثَرِ فَكَانَ التَّسْلِيمُ صَحِيحًا. وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا سَلَّمَ لِتَعَذُّرِ الْجِنْسِ الَّذِي بَلَغَهُ وَتَيَسَّرَ مَا بِيعَ بِهِ، إذْ الْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ قِيمَتُهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ تَسْلِيمُهُ بَاطِلًا أَيْضًا وَتَكَلَّفَ لِذَلِكَ كَثِيرًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْأَوْلَوِيَّةِ، فَإِنَّ التَّسْلِيمَ إذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute