أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالْخَارِجُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَلِلْآخَرِ الْأَجْرُ كَمَا فَصَّلْنَا، إلَّا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا وَلِظُهُورِ تَعَامُلِ الْأُمَّةِ بِهَا. وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ
(ثُمَّ الْمُزَارَعَةُ لِصِحَّتِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُهَا شُرُوطٌ: أَحَدُهَا كَوْنُ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِهِ (وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعُ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ) لِأَنَّهُ عَقَدَ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْأَهْلِ (وَالثَّالِثُ بَيَانُ الْمُدَّةِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ الْأَرْضِ أَوْ مَنَافِعِ الْعَامِلِ وَالْمُدَّةُ هِيَ الْمِعْيَارُ لَهَا لِيَعْلَمَ بِهَا (وَالرَّابِعُ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ) قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ وَإِعْلَامًا لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنَافِعُ الْأَرْضِ أَوْ مَنَافِعُ الْعَامِلِ.
وَقَوْلُهُ (وَالْخَارِجُ فِي الْوَجْهَيْنِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ) مَنْقُوضٌ بِمَنْ غَصَبَ بَذْرًا فَزَرَعَهُ فَإِنَّ الزَّرْعَ لَهُ وَإِنْ كَانَ نَمَاءَ مِلْكِ صَاحِبِ الْبَذْرِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَتَحْصِيلِهِ، فَكَانَ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى عَمَلِهِ أَوْلَى وَالْمُزَارِعُ عَامِلٌ بِأَمْرِ غَيْرِهِ فَجُعِلَ الْعَمَلُ مُضَافًا إلَى الْآمِرِ. وَقَوْلُهُ (كَمَا فَصَّلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا) وَاضِحٌ،
وَقَوْلُهُ (بَيَانُ الْمُدَّةِ) يُرِيدُ بِهِ مُدَّةً يُمْكِنُ خُرُوجُ الزَّرْعِ فِيهَا، حَتَّى لَوْ بَيَّنَ مُدَّةً لَا يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْمُزَارَعَةِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَكَذَا إذَا بَيَّنَ مُدَّةً لَا يَعِيشُ أَحَدُهُمَا إلَى مِثْلِهَا غَالِبًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ (عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ الْأَرْضِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ (أَوْ مَنَافِعِ الْعَامِلِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَالْمُدَّةُ هِيَ الْمِعْيَارُ لَهَا أَيْ لِلْمَنَافِعِ بِمَنْزِلَةِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَنَافِعُ الْأَرْضِ) إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ (أَوْ مَنَافِعِ الْعَامِلِ) إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، فَفِي الْأَوَّلِ الْعَامِلُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ، وَفِي الثَّانِي رَبُّ الْأَرْضِ مُسْتَأْجِرٌ لِلْعَامِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ بِالْإِعْلَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute