للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَابِضًا لَهُ لِاتِّصَالِهِ بِأَرْضِهِ.

قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) لِمَا بَيَّنَّا (وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ شَائِعًا بَيْنَهُمَا) تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الشَّرِكَةِ (فَإِنْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مُسَمَّاةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّ بِهِ تَنْقَطِعُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الْأَرْضَ عَسَاهَا لَا تُخْرِجُ إلَّا هَذَا الْقَدْرَ، فَصَارَ كَاشْتِرَاطِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لِأَحَدِهِمَا فِي الْمُضَارَبَةِ، وَكَذَا إذَا شَرَطَا أَنْ يَرْفَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ بَذْرَهُ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي جَمِيعِهِ بِأَنْ لَمْ يُخْرِجْ إلَّا قَدْرَ الْبَذْرِ فَصَارَ كَمَا إذَا شَرَطَا رَفْعَ الْخَرَاجِ، وَالْأَرْضُ خَرَاجِيَّةٌ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ صَاحِبُ الْبَذْرِ عُشْرَ الْخَارِجُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْآخَرِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ مُشَاعٌ فَلَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ، كَمَا إذَا شَرَطَا رَفْعَ الْعُشْرِ، وَقِسْمَةُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَالْأَرْضُ عُشْرِيَّةٌ.

قَالَ (وَكَذَا إذَا) (شَرَطَا مَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَالسَّوَّاقِي) مَعْنَاهُ لِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ، لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا

فِيهَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْفَدَّانِ عَلَى أَحَدِهِمَا مَقْصُودًا بِهِ، وَفِيهَا الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَلْغَى صَاحِبَ الْأَرْضِ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ لَا أَنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ أَجْرَ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَعْطَى لِصَاحِبِ الْعَمَلِ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجْرَ الْفَدَّانِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ.

قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ إلَخْ) مَعْلُومِيَّةُ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ شَرْطُ جَوَازِهَا لِمَا بَيَّنَّا: يَعْنِي قَوْلَهُ فِي بَيَانِ شُرُوطِهَا. وَالثَّالِثُ بَيَانُ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ الْأَرْضِ إلَخْ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ وُجُودُهُ شَرْطًا لِلْجَوَازِ فَعَدَمُهُ مَانِعٌ عَنْهُ، لِأَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ وَانْتِفَاؤُهُ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ، وَكَذَا شُيُوعُ الْخَارِجِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الشَّرِكَةِ شَرْطُ الْجَوَازِ، فَإِذَا انْتَفَى فَسَدَتْ. وَقَوْلُهُ (وَصَارَ كَمَا إذَا شَرَطَا رَفْعَ الْخَرَاجِ) وَالْأَرْضُ خَرَاجِيَّةٌ، وَالْخَرَاجُ خَرَاجُ وَظِيفَةٍ بِأَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً بِحَسَبِ الْخَارِجِ وَقُفْزَانًا مَعْلُومَةً. وَأَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ مُشَاعًا نَحْوُ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فَإِنَّهُ لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ. وَالْمَاذِيَانَاتُ جَمْعُ الْمَاذِيَانِ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ النَّهْرِ وَأَعْظَمُ مِنْ الْجَدْوَلِ، وَقِيلَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءُ السَّيْلِ ثُمَّ تُسْقَى مِنْهُ الْأَرْضُ. وَالسَّوَاقِي جَمْعُ السَّاقِيَةِ وَهُوَ فَوْقُ الْجَدْوَلِ وَدُونَ النَّهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>