للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَيُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالْأَمَةِ إذَا كَانُوا عُدُولًا)؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْعَدَالَةِ الصِّدْقُ رَاجِحٌ وَالْقَبُولُ لِرُجْحَانِهِ. فَمِنْ الْمُعَامَلَاتِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمِنْهَا التَّوْكِيلُ. وَمِنْ الدِّيَانَاتِ الْإِخْبَارُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ حَتَّى إذَا أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا تَحَرَّى، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَ الْمَاءَ ثُمَّ تَيَمَّمَ كَانَ أَحْوَطَ، وَمَعَ الْعَدَالَةِ يَسْقُطُ احْتِمَالُ الْكَذِبِ فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِيَاطِ بِالْإِرَاقَةِ، أَمَّا التَّحَرِّي فَمُجَرَّدُ ظَنٍّ.

وَلَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْكَذِبِ بِالتَّحَرِّي، وَهَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ. فَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِمَا قُلْنَا. وَمِنْهَا الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زَوَالُ الْمِلْكِ، وَفِيهَا تَفَاصِيلُ وَتَفْرِيعَاتٌ ذَكَرْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.

وَقَوْلُهُ (وَيُقْبَلُ فِيهَا) أَيْ فِي الدِّيَانَاتِ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْحَرِّ وَالْأَمَةِ، لِأَنَّ خَبَرَ هَؤُلَاءِ فِي أُمُورِ الدِّينِ كَخَبَرِ الْحُرِّ إذَا كَانُوا عُدُولًا كَمَا فِي رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ لِأَنَّهُ يَلْتَزِمُ بِنَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ. وَقَوْلُهُ (مَا ذَكَرْنَاهُ) إشَارَةٌ إلَى الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ، وَقَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ) يَعْنِي حُكْمًا لَا فِي الِاحْتِيَاطِ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوُضُوءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، قِيلَ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ. وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ أَمَّا التَّحَرِّي فَمُجَرَّدُ ظَنٍّ فَفِيهِ احْتِمَالُ الْخَطَأِ، وَقَوْلُهُ (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ الدِّيَانَاتِ (الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ) يُقْبَلُ فِيهِمَا خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ زَوَالَ الْمِلْكِ كَالْإِخْبَارِ بِحُرْمَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْعَدْلِ فَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ وَلَا الْإِطْعَامُ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ، لِأَنَّ بُطْلَانَ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِهِ. وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ. وَأَمَّا إذَا تَضَمَّنَ زَوَالَهُ فَلَا يُقْبَلُ، كَمَا إذَا أَخْبَرَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ عَدْلٌ لِلزَّوْجَيْنِ بِأَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ هَاهُنَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فَكَانَ مُتَضَمِّنًا لِزَوَالِ الْمِلْكِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>