للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

قَالَ (الْمَوَاتُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْأَرَاضِيِ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهُ أَوْ لِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الزِّرَاعَةَ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِبُطْلَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ. قَالَ (فَمَا كَانَ مِنْهَا عَادِيًّا لَا مَالِكَ لَهُ أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا فِي الْإِسْلَامِ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقَرْيَةِ بِحَيْثُ إذَا وَقَفَ إنْسَانٌ مِنْ أَقْصَى الْعَامِرِ فَصَاحَ لَا يُسْمَعُ الصَّوْتُ فِيهِ فَهُوَ مَوَاتٌ) قَالَ : هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَمَعْنَى الْعَادِيِّ مَا قَدُمَ خَرَابُهُ.

وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَمْلُوكًا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مَعَ انْقِطَاعِ الِارْتِفَاقِ بِهَا لِيَكُونَ مَيْتَةً مُطْلَقًا، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَا تَكُونُ مَوَاتًا، وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ تَكُونُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالِكٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ الزَّارِعُ نُقْصَانَهَا، وَالْبُعْدُ عَنْ الْقَرْيَةِ عَلَى مَا قَالَ شَرَطَهُ أَبُو يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الْقَرْيَةِ لَا يَنْقَطِعُ ارْتِفَاقُ أَهْلِهَا عَنْهُ فَيُدَارِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ. وَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ انْقِطَاعَ ارْتِفَاقِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَنْهَا حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْقَرْيَةِ

كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ

التَّسْبِيبُ لِلْخِصْبِ فِي أَقْوَاتِ الْأَنَامِ وَمَشْرُوعِيَّتُهُ بِقَوْلِهِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» وَشُرُوطُهُ سَتُذْكَرُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ. وَسَبَبُهُ تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمُقَدَّرِ كَمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَحُكْمُهُ تَمَلُّكُ الْمُحْيِي مَا أَحْيَاهُ. قَالَ (الْمَوَاتُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْأَرَاضِي) شِبْهُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْأَرَاضِيِ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهُ أَوْ لِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِأَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الرِّمَالُ أَوْ صَارَ سَبْخَةً بِالْمَيِّتِ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي بَطَلَتْ مَنَافِعُهُ فَسُمِّيَ مَوَاتًا، وَإِحْيَاؤُهُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِهِ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ. قَوْلُهُ (فَمَا كَانَ مِنَّا عَادِيًا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إلَى عَادٍ. لِأَنَّ عَادًا لَمْ يَمْلِكْ جَمِيعَ أَرَاضِي الْمَوَاتِ. وَلَكِنْ مُرَادُهُ مَا تَقَدَّمَ خَرَابُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ.

وَقَوْلُهُ (أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا فِي الْإِسْلَامِ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ) قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةُ إذَا انْقَرَضَ أَهْلُهَا فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ. وَقَوْلُهُ (وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ) مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ . وَقَوْلُهُ (فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقُرْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>