للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجَوَارِحُ: الْكَوَاسِبُ

قَالَ فِي تَأْوِيلِ الْمُكَلِّبِينَ: الْمُسَلَّطِينَ، فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ بِعُمُومِهِ، دَلَّ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ

وَاسْمُ الْكَلْبِ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ سَبُعٍ حَتَّى الْأَسَدِ

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْأَسَدُ وَالدُّبُّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْمَلَانِ لِغَيْرِهِمَا

الْأَسَدُ لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ وَالدُّبُّ لِخَسَاسَتِهِ، وَأَلْحَقَ بِهِمَا بَعْضُهُمْ الْحِدَأَةَ لِخَسَاسَتِهَا، وَالْخِنْزِيرُ مُسْتَثْنًى؛ لِأَنَّهُ نَجَسُ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْلِيمِ؛ لِأَنَّ مَا تَلَوْنَا مِنْ النَّصِّ يَنْطِقُ بِاشْتِرَاطِ التَّعْلِيمِ وَالْحَدِيثِ بِهِ وَبِالْإِرْسَالِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ آلَةً بِالتَّعْلِيمِ لِيَكُونَ عَامِلًا لَهُ فَيَتَرَسَّلُ بِإِرْسَالِهِ وَيُمْسِكُهُ عَلَيْهِ.

قَالَ (تَعْلِيمُ الْكَلْبِ أَنْ يَتْرُكَ الْأَكْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَتَعْلِيمُ الْبَازِي أَنْ يَرْجِعَ وَيُجِيبَ دَعْوَتَهُ) وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلِأَنَّ بَدَنَ الْبَازِي لَا يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ، وَبَدَنُ الْكَلْبِ يَحْتَمِلُهُ فَيُضْرَبُ لِيَتْرُكَهُ، وَلِأَنَّ آيَةَ التَّعْلِيمِ تَرْكُ مَا هُوَ مَأْلُوفُهُ عَادَةً، وَالْبَازِي مُتَوَحِّشٌ مُتَنَفِّرٌ فَكَانَتْ الْإِجَابَةُ آيَةَ تَعْلِيمِهِ

وَأَمَّا الْكَلْبُ فَهُوَ مَأْلُوفٌ يَعْتَادُ الِانْتِهَابَ

الِاصْطِيَادُ إلَّا بِالْكَلْبِ مُسْتَدِلِّينَ بِلَفْظِ مُكَلِّبِينَ. وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى صِحَّةِ التَّأْوِيلِ بِعُمُومِ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. وَقَالَ: وَاسْمُ الْكَلْبِ يَقَعُ فِي اللُّغَةِ عَلَى كُلِّ سَبُعٍ حَتَّى الْأَسَدِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي دُعَائِهِ «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك» فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ. وَقَوْلُهُ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ بِعُمُومِهِ

وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ آيَةَ تَعْلِيمِهِ تَرْكُ مَا هُوَ مَأْلُوفُهُ عَادَةً).

<<  <  ج: ص:  >  >>