قَالَ (وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُرْسِلُ الصَّيْدَ حَيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُذَكِّيَهُ، وَإِنْ تَرَكَ تَذْكِيَتَهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَا الْبَازِي وَالسَّهْمُ)؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ، إذْ الْمَقْصُودُ هُوَ الْإِبَاحَةُ وَلَمْ تَثْبُتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَبَطَلَ حُكْمُ الْبَدَلِ، وَهَذَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ
أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَفِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَوْقَ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ لَمْ يُؤْكَلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَحِلُّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَصْلِ فَصَارَ كَمَا إذَا رَأَى الْمَاءَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ
وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ قَدَرَ اعْتِبَارًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَّتَ يَدَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ وَهُوَ قَائِمٌ مَكَانَ التَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ إذْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُدَّةٍ وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْكِيَاسَةِ وَالْهِدَايَةِ فِي أَمْرِ الذَّبْحِ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ مِثْلُ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ؛ لِأَنَّهُ مَيِّتٌ حُكْمًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا إذَا وَقَعَ وَهُوَ مَيِّتٌ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ بِمُذْبَحٍ
وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِيهَا تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِفَقْدِ الْآلَةِ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِضِيقِ الْوَقْتِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَبْقَ صَيْدًا فَبَطَلَ حُكْمُ ذَكَاةِ الِاضْطِرَارِ،
سَوَاءٌ، أَمَّا إذَا أَكَلَ قَبْلَ الْأَخْذِ فَقَدْ كَانَ مُمْسِكًا عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ (وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُرْسِلُ الصَّيْدَ حَيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ إلَخْ) الْمُرْسِلُ إنْ أَدْرَكَ الصَّيْدَ حَيًّا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ وَلَمْ يَذْبَحْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَيَاةُ فِيهِ بَيِّنَةً أَوْ خَفِيَّةً، وَإِنْ ذَبَحَ حَلَّ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْبَازِيِّ وَالسَّهْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْبَدَلِ إبَاحَةُ الْأَكْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ ذَلِكَ تُبْطِلُ الْبَدَلَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ لِعَدَمِ الْآلَةِ أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَوْقَ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤْكَلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ﵀ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّبْحِ فَصَارَ كَمَنْ رَأَى الْمَاءَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ.
وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ حَقِيقَةً فَقَدْ قَدَرَ اعْتِبَارًا لِأَنَّهُ تَثْبُتُ يَدُهُ عَلَى الْمَذْبُوحِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ التَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ، إذْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ: أَيْ اعْتِبَارُ التَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُدَّةٍ وَالنَّاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute