للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا إذَا كَانَ يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ، أَمَّا إذَا شَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ مَا فِيهِ ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ حَلَّ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ اضْطِرَابُ الْمَذْبُوحِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا إذَا وَقَعَتْ شَاةٌ فِي الْمَاءِ بَعْدَمَا ذُبِحَتْ

وَقِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يُؤْكَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدِهِ حَيًّا فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ رُدَّ إلَى الْمُتَرَدِّيَةِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا تَرَكَ التَّذْكِيَةَ، فَلَوْ أَنَّهُ ذَكَّاهُ حَلَّ أَكْلُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا الْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ، وَاَلَّذِي يَبْقُرُ الذِّئْبُ بَطْنَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ خَفِيَّةٌ أَوْ بَيِّنَةٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ اسْتَثْنَاهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ بِالذَّبْحِ

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَانَ يَعِيشُ فَوْقَ مَا يَعِيشُ الْمَذْبُوحُ يَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ

يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْكِيَاسَةِ وَالْهِدَايَةِ فِي أَمْرِ الذَّبْحِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَمَكَّنُ فِي سَاعَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَمَكَّنُ فِي أَكْثَرَ. وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُدَارُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَأُدِيرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحَيَاةُ فِيهِ فَوْقَ مَا تَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ بَلْ كَانَتْ بِمِقْدَارِ مَا يَكُونُ فِيهِ وَلَمْ يَذْبَحْ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ لِأَنَّهُ مَيِّتٌ حُكْمًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَحْرُمُ كَمَا إذَا وَقَعَ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَالْمَيِّتُ لَيْسَ بِمَذْبَحٍ: أَيْ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلذَّبْحِ فَلَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى الذَّبْحِ لِيُقَامَ مَقَامَ التَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ. وَفَصَّلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْحَيَاةُ فِيهِ فَوْقَ مَا تَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ فَقَالَ: إنْ كَانَ عَدَمُ التَّمَكُّنِ لِفَقْدِ الْآلَةِ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ، وَإِنْ كَانَ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ قَالُوا: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَصْلِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فَكَانَ حَلَالًا. وَقُلْنَا: وَقَعَ فِي يَدِهِ وَهُوَ حَيٌّ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَلَمْ يَبْقَ صَيْدًا فَبَطَلَ حُكْمُ ذَكَاةِ الِاضْطِرَارِ. فَإِنْ قِيلَ: وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا تَكُونُ الْحَيَاةُ فِيهِ فَوْقَ مَا تَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ ضِيقُ الْوَقْتِ عَنْ الذَّبْحِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ لِكَوْنِ الصَّيْدِ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ، وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ قَدْ لَا يَسَعُ الذَّبْحَ فَكَانَ عَدَمُ التَّمَكُّنِ مُتَصَوَّرًا (وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إقَامَةِ ثُبُوتِ الْيَدِ مَقَامَ التَّمَكُّنِ حَتَّى لَا يَحِلَّ بِدُونِ الذَّكَاةِ فِيمَا إذَا كَانَ بَقَاؤُهُ مُتَوَهَّمًا.

أَمَّا إذَا شَقَّ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ مَا فِيهِ ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يُدْرِكْهُ حَلَّ، لِأَنَّ مَا بَقِيَ اضْطِرَابُ مَذْبُوحٍ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا إذَا وَقَعَتْ شَاةٌ فِي الْمَاءِ بَعْدَ مَا ذُبِحَتْ (وَقِيلَ) هُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ (هَذَا قَوْلُهُمَا. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يُؤْكَلُ هَذَا أَيْضًا لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدِهِ حَيًّا فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ رَدًّا إلَى الْمُتَرَدِّيَةِ) أَيْ اعْتِبَارًا بِهَا (هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا) أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُ إذَا شَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ مَا فِيهِ إذَا تَرَكَ التَّذْكِيَةَ، فَأَمَّا إذَا ذَكَّاهُ فَقَدْ حَلَّ أَكْلُهُ عِنْدَهُ ، (وَكَذَا الْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَاَلَّذِي بُقِرَ) أَيْ شَقَّ (الذِّئْبُ بَطْنَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ خَفِيَّةٌ أَوْ بَيِّنَةٌ) إذَا ذُبِحَ حَلَّ عِنْدَهُ (وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ اسْتَثْنَاهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا بُدَّ مِنْ حَيَاةٍ بَيِّنَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ يَعِيشُ مِثْلُهُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ بِالذَّبْحِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا بُدَّ مِنْ حَيَاةٍ بَيِّنَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ يَعِيشُ فَوْقَ مَا يَعِيشُ الْمَذْبُوحُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ حَلَّ أَكْلُهُ وَإِلَّا فَلَا (لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ) إشَارَةً إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَيِّتٌ حُكْمًا، وَقِيلَ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ مَا بَقِيَ اضْطِرَابُ الْمَذْبُوحِ فَلَا يُعْتَبَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>