عَنْهُ، وَلَا ضَرُورَةَ فِيمَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْ تَوَارٍ يَكُونُ بِسَبَبِ عَمَلِهِ، وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إنَّ مَا تَوَارَى عَنْهُ إذَا لَمْ يَبِتْ يَحِلُّ فَإِذَا بَاتَ لَيْلَةً لَمْ يَحِلَّ (وَلَوْ وُجِدَ بِهِ جِرَاحَةٌ سِوَى جِرَاحَةِ سَهْمِهِ لَا يَحِلُّ)؛ لِأَنَّهُ مَوْهُومٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَاعْتُبِرَ مُحَرَّمًا، بِخِلَافِ وَهْمِ الْهَوَامِّ
وَالْجَوَابُ فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ فِي هَذَا
مَعْقُولٌ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الِاحْتِمَالُ بَاقٍ إذَا كَانَ فِي طَلَبِهِ أَيْضًا.
أَجَابَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنَّا أَسْقَطْنَا اعْتِبَارَهُ مَا دَامَ فِي طَلَبِهِ ضَرُورَةَ أَنَّ الِاصْطِيَادَ لَا يَعْرَى عَنْ ذَلِكَ، وَلَا ضَرُورَةَ فِيمَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْ تَوَارٍ يَكُونُ بِسَبَبِ عَمَلِهِ.
وَقَوْلُهُ (وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إنَّ مَا تَوَارَى عَنْهُ مَا إذَا لَمْ يَبِتْ يَحِلُّ) يَعْنِي وَإِنْ رَأَى فِيهِ أَثَرَ سَبُعٍ، وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْغَالِبِ، لِأَنَّهُ إذَا بَاتَ عَنْهُ قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ غَالِبًا. وَوَجْهُ كَوْنِ مَا رَوَيْنَاهُ حُجَّةً عَلَيْهِ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا غَابَ عَنْ الرَّامِي. فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ مَا رُوِيَ عَنْهُ ﵊ مِنْ كَرَاهَتِهِ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا غَابَ عَنْ الرَّامِي حُجَّةً عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ ﵊ «لَعَلَّ هَوَامَّ الْأَرْضِ قَتَلَتْهُ» حُجَّةٌ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قِصَّتِهِ، فَإِنَّهُ ﵊ قَالَهُ لِمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَاعْتِبَارُ قَتْلِ الْهَوَامِّ عِنْدَ الْغَيْبَةِ مَوْجُودٌ فَيَكُونُ حَرَامًا. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ وَجَدَ بِهِ جِرَاحَةً) قَدَّمْنَاهُ وَالْخِلَافُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ مَوْهُومٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) لِأَنَّ الصَّيْدَ قَدْ يَخْلُو عَنْ رَمْيِ الْغَيْرِ مُحَرَّمًا، بِخِلَافِ وَهْمِ الْهَوَامِّ فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَالْأَرْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute