للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَبْضُ شَرْطُ اللُّزُومِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ وَثِيقَةٍ فَأَشْبَهَ الْكَفَالَةَ

وَلَنَا مَا تَلَوْنَا، وَالْمَصْدَرُ الْمَقْرُونُ بِحَرْفِ الْفَاءِ فِي مَحَلِّ الْجَزَاءِ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ،

قَوْلُهُ (وَالْقَبْضُ شَرْطُ اللُّزُومِ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْقُدُورِيِّ وَيَتِمُّ الْقَبْضُ فَيَكُونُ الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزًا وَبِهِ يَلْزَمُ، وَهُوَ أَيْضًا اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ عَامَّةِ الْكُتُبِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا.

وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ غَيْرُ مَقْبُوضٍ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا مُفَرَّغًا مَحُوزًا. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُ الرَّهْنُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِنَفْسِ الْمَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ وَثِيقَةٍ فَلَا يَكُونُ الْقَبْضُ شَرْطًا كَالْكَفَالَةِ (وَلَنَا مَا تَلَوْنَا) مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ وَالْمَصْدَرُ الْمَقْرُونُ بِحَرْفِ الْفَاءِ فِي مَحَلِّ الْجَزَاءِ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ أَيْ فَلْيَصُمْ، وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ أَيْ فَلْيُحَرِّرْ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَإِذَا كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَارْهَنُوا وَارْتَهِنُوا، لَكِنْ تَرَكَ كَوْنَهُ مَعْمُولًا بِهِ فِي حَقِّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الرَّهْنُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَا قَبُولُهُ عَلَى الدَّائِنِ بِالْإِجْمَاعِ فَوَجَبَ أَنْ يَعْمَلَ فِي شَرْطِهِ وَهُوَ الْقَبْضُ كَمَا فِي قَوْلِهِ «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» بِالنَّصْبِ: أَيْ بِيعُوا، فَلَمْ يَعْمَلْ الْأَمْرُ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَاحٌ فَصُرِفَ إلَى شَرْطِهِ وَهُوَ الْمُمَاثَلَةُ فِي أَمْوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>