وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ، وَلَنَا فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَبْتَنِي عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ، فَإِنَّهُ عِنْدَنَا ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ وَهُوَ الْمُشَاعُ
وَعِنْدَهُ الْمُشَاعُ يَقْبَلُ مَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ وَهُوَ تَعَيُّنُهُ لِلْبَيْعِ
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْبَاطِلَ مِنْهُ هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُونًا وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ تَمَامِ الْعَقْدِ لَا شَرْطُ جَوَازِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: هُوَ جَائِزٌ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ فِي الْكِتَابِ دَلِيلًا لِأَنَّ أَصْلَ دَلِيلِهِ، وَمُعْظَمَهُ قَدْ عُلِمَ فِي ضِمْنِ ذِكْرِ دَلِيلِنَا عَلَى مَا سَيَظْهَرُ، وَدَلِيلُنَا مَوْقُوفٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ هِيَ أَنَّ الْعُقُودَ شُرِعَتْ لِأَحْكَامِهَا، فَإِذَا فَاتَ الْحُكْمُ كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، وَتَقْرِيرُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِفْتَاءِ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ وَثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ فِيمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ الْمُشَاعُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ لِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالْمَرْهُونُ مِنْ الْمُشَاعِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَالْمُعَيَّنُ غَيْرُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَتَكُونُ الْيَدُ ثَابِتَةً عَلَى غَيْرِ الْمَرْهُونِ وَفِيهِ فَوَاتُ حُكْمِهِ. وَأَدْرَجَ الْمُصَنِّفُ ﵀ دَلِيلَ الشَّافِعِيِّ ﵀ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعِنْدَهُ الْمُشَاعُ يَقْبَلُ مَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ وَهُوَ تَعَيُّنُهُ لِلْبَيْعِ، فَيَكُونُ تَقْرِيرُ كَلَامِهِ حُكْمُ الرَّهْنِ تَعَيُّنُهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُشَاعُ عَيْنٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَحُكْمُ الرَّهْنِ يَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ، وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مُتَصَوَّرًا كَانَ الْعَقْدُ مُقَيَّدًا، وَتَقْرِيرُ الثَّانِي أَنَّ مُوجَبَ الرَّهْنِ: أَيْ مُوجَبَ حُكْمِهِ: يَعْنِي لَازِمَهُ هُوَ الْحَبْسُ الدَّائِمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا مَقْبُوضًا بِالنَّصِّ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute