وَمَا أَصَابَ النَّمَاءَ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ لِمَا ذَكَرْنَا
وَصُوَرُ الْمَسَائِلِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُخَرَّجُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى، وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ وَالزِّيَادَاتِ
(وَلَوْ رَهَنَ شَاةً بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهَا عَشَرَةٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: احْلِبْ الشَّاةَ فَمَا حَلَبَتْ فَهُوَ لَك حَلَالٌ فَحَلَبَ وَشَرِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَمَّا الْإِبَاحَةُ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ وَالْخَطَرِ؛ لِأَنَّهَا إطْلَاقٌ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ فَتَصِحُّ مَعَ الْخَطَرِ (وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ)؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ (فَإِنْ لَمْ يَفْتَكَّ الشَّاةَ حَتَّى مَاتَتْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قُسِّمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبَ وَعَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ، فَمَا أَصَابَ الشَّاةَ سَقَطَ، وَمَا أَصَابَ اللَّبَنَ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ)؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ بِفِعْلِ الْمُرْتَهِنِ وَالْفِعْلُ حَصَلَ بِتَسْلِيطٍ مِنْ قِبَلِهِ فَصَارَ كَأَنَّ الرَّاهِنَ أَخَذَهُ وَأَتْلَفَهُ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ فَبَقِيَ بِحِصَّتِهِ، وَكَذَلِكَ وَلَدُ
حِينَ الْوِلَادَةِ لَمْ تَصْلُحْ لِأَحْكَامِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ. أَمَّا فِي غَيْرِ الْغَصْبِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْغَصْبِ فَلِأَنَّ الضَّمَانَ بِهِ يَعْتَمِدُ قَبْضًا مَقْصُودًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْوَلَدِ، وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ كَاللَّبَنِ وَالثَّمَرِ وَالصُّوفِ وَالْوَلَدِ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مِلْكِهِ وَيَكُونُ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ. فَفِي الْأَصْلِ وَصْفَانِ لَازِمَانِ: الْمَلِكُ، وَكَوْنُهُ رَهْنًا فَيَسْرِيَانِ إلَى الْوَلَدِ، فَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْأَتْبَاعَ لَا قِسْطَ لَهَا مِمَّا يُقَابَلُ بِالْأَصْلِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ مَقْصُودًا إذْ اللَّفْظُ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا، وَإِنْ هَلَكَ الْأَصْلُ وَبَقِيَ النَّمَاءُ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِحِصَّتِهِ يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيمَةُ النَّمَاءِ يَوْمَ الْفِكَاكِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مَضْمُونًا بِهِ، وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَهُ هَلَكَ مَجَّانًا، وَالتَّبَعُ يُقَابِلُهُ شَيْءٌ إذَا صَارَ مَقْصُودًا كَوَلَدِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذْ صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ، وَالزِّيَادَةُ هَاهُنَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالْفِكَاكِ فَيَخُصُّهُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، فَمَا أَصَابَ الْأَصْلَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ لِأَنَّهُ يُقَابِلُهُ الْأَصْلُ مَقْصُودًا، وَمَا أَصَابَ النَّمَاءَ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِهِ. وَقَوْلُهُ (وَصُوَرُ الْمَسَائِلِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ) يَعْنِي مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِسْمَةِ الدَّيْنِ عَلَى قِيمَتِهِمَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَالْفِكَاكِ (تَخْرُجُ) وَفِي ذَلِكَ كَثْرَةٌ وَتَطْوِيلٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَتَابَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ
وَقَوْلُهُ (فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ) يُرِيدُ بِالشَّرْطِ قَوْلَهُ فَمَا حَلَبَتْ فَإِنَّ كَلِمَةَ " مَا " تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الشَّرْطِ وَلِهَذَا دَخَلَ الْفَاءُ فِي خَبَرِهَا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَعَ الشَّاةِ، وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute