للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ يُقَدِّمُ الْوَقْتِيَّةَ ثُمَّ يَقْضِيهَا) لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ، وَكَذَا بِالنِّسْيَانِ وَكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ جَازَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَقَدَّمَ الْوَقْتِيَّةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الثَّابِتِ بِالْحَدِيثِ

لِتَدَارُكِ الْفَائِتَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ تَدَارُكُهَا بِتَفْوِيتِ مِثْلِهَا فَلَمْ يَكُنْ شَرْطًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا كَثْرَةُ الْفَوَائِتِ فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى ضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا مَعَ كَثْرَتِهَا يُفْضِي إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ الثَّابِتَةِ بِالْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ يُقَدِّمُ الْوَقْتِيَّةَ) وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ جَازَ) أَيْ جَازَ فِعْلُهُ (هَذَا) وَهُوَ تَقْدِيمُ الْفَائِتَةِ (؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا) أَرَادَ النَّهْيَ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ الْأَمْرِ، وَأَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْمَبْسُوطِ فَقَالَ: لَوْ بَدَأَ بِالْفَائِتَةِ أَجْزَأَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هُنَاكَ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْبُدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ، وَلَوْ بَدَأَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِفَرْضِ الْوَقْتِ هُنَاكَ لِمَعْنًى فِي عَيْنِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّطَوُّعِ لِانْعِدَامِ الْمُوجِبِ لِلنَّهْيِ فَمُنِعَ الْجَوَازُ لِهَذَا، وَهَاهُنَا النَّهْيُ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ لَيْسَ لِمَعْنًى فِي عَيْنِهَا بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ فَرْضِ الْوَقْتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّطَوُّعِ أَيْضًا لِوُجُودِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلنَّهْيِ، وَالنَّهْيُ مَتَى مَا لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>