قَالَ (وَمَنْ وَرِثَ قِصَاصًا عَلَى أَبِيهِ سَقَطَ) لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ
قَالَ (وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِالسَّيْفِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ إنْ كَانَ فِعْلًا مَشْرُوعًا، فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا تُحَزَّ رَقَبَتُهُ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ
وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» وَالْمُرَادُ بِهِ السِّلَاحُ، وَلِأَنَّ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ اسْتِيفَاءُ الزِّيَادَةِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ بِمِثْلِ مَا فَعَلَ فَيُحَزُّ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَمَا فِي كَسْرِ الْعَظْمِ
قَالَ (وَإِذَا قُتِلَ الْمُكَاتَبُ عَمْدًا وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا الْمَوْلَى وَتَرَكَ وَفَاءً فَلَهُ الْقِصَاصُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا أَرَى فِي هَذَا قِصَاصًا)؛ لِأَنَّهُ اشْتَبَهَ سَبَبُ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ الْوَلَاءُ إنْ مَاتَ حُرًّا وَالْمِلْكُ إنْ مَاتَ عَبْدًا، وَصَارَ كَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِكَذَا، وَقَالَ الْمَوْلَى زَوَّجْتُهَا مِنْك لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ كَذَا هَذَا
وَلَهُمَا أَنَّ حَقَّ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمَوْلَى بِيَقِينٍ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ وَالْحُكْمُ مُتَّحِدٌ، وَاخْتِلَافُ السَّبَبِ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَلَا إلَى اخْتِلَافِ حُكْمٍ فَلَا يُبَالَى بِهِ، بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مِلْكِ الْيَمِينِ يُغَايِرُ حُكْمَ النِّكَاحِ
فِي يَسْتَوْجِبُ، وَجَازَ ذَلِكَ بِلَا تَأْكِيدٍ بِمُنْفَصِلٍ لِوُقُوعِ الْفَصْلِ: يَعْنِي وَلَا يَسْتَوْجِبُ وَلَدُهُ عَلَى أَبِيهِ إذَا قَتَلَ الْأَبُ عَبْدَ وَلَدِهِ
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ وَرِثَ قِصَاصًا عَلَى أَبِيهِ) مِثْلُ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ أُمَّ ابْنِهِ مَثَلًا
وَقَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِالسَّيْفِ) يَعْنِي إذَا وُجِدَ الْقَتْلُ الْمُوجَبُ لِلْقَوَدِ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِالسَّيْفِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَتْلٌ بِفِعْلٍ مَشْرُوعٍ مِثْلُ أَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَمَاتَ مِنْهُ فُعِلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَيُمْهَلُ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا تُحَزُّ رَقَبَتُهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَشْرُوعٍ كَأَنْ سَقَاهُ الْخَمْرَ حَتَّى قَتَلَهُ أَوْ لَاطَ بِصَغِيرٍ فَقَتَلَهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ، لِأَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ وَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ فِيهِ مُسَاوَاةً فِي أَصْلِ الْوَصْفِ وَالْفِعْلِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَلَنَا قَوْلُهُ ﷺ «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» وَهُوَ نَصٌّ عَلَى نَفْيِ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ بِغَيْرِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا كَانَ سِلَاحًا) فَإِنْ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَا قَوَدَ يَجِبُ إلَّا بِالسَّيْفِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْقَوَدَ اسْمٌ لِفِعْلٍ هُوَ جَزَاءُ الْفِعْلِ كَالْقِصَاصِ دُونَ مَا يَجِبُ شَرْعًا وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ، وَهَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْأَسْرَارِ. فَخْرِ الْإِسْلَامِ ﵀ قَدَّرَهُ بِلَا قَوَدٍ يَجِبُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ عَنْ الْقَتْلِ بِالْمُثْقِلِ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي التَّقْرِيرِ.
وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ) دَلِيلٌ مَعْقُولٌ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ. وَوَجْهُهُ لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ الْمُسَاوَاةِ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ الزِّيَادَةَ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ بِمِثْلِ مَا فَعَلَ، لِأَنَّ فِيهِ الْحَزَّ بَعْدَ فِعْلِ مِثْلِ مَا فَعَلَ بِهِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَدَائِهِ إلَى انْتِفَاءِ الْقِصَاصِ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَمَا فِي كَسْرِ الْعَظْمِ، فَإِنَّ مَنْ كَسَرَ عَظْمَ إنْسَانٍ سِوَى السِّنِّ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِذَا جَازَ تَرْكُ الْقِصَاصِ كُلِّهِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الزِّيَادَةِ فَلَأَنْ يَجُوزَ تَرْكُ الْبَعْضِ أَوْلَى
قَالَ (وَإِذْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ عَمْدًا وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَى الْمَوْلَى إلَخْ) إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ عَمْدًا فَلَا