الرِّجْلُ وَمَارِنُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنُ لِإِمْكَانِ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ. .
قَالَ: (وَمَنْ ضَرَبَ عَيْنَ رَجُلٍ فَقَلَعَهَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) لِامْتِنَاعِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَذَهَبَ ضَوْءُهَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ عَلَى مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: تُحْمَى لَهُ الْمِرْآةُ وَيُجْعَلُ عَلَى وَجْهِهِ قُطْنٌ رَطْبٌ وَتُقَابَلُ عَيْنُهُ بِالْمِرْآةِ فَيَذْهَبُ ضَوْءُهَا، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ﵃. .
قَالَ: (وَفِي السِّنِّ الْقِصَاصُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ (وَإِنْ كَانَ سِنُّ مَنْ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَكْبَرَ مِنْ سِنِّ الْآخَرِ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ السِّنِّ لَا تَتَفَاوَتُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ. قَالَ: (وَفِي كُلِّ شَجَّةٍ تَتَحَقَّقُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ الْقِصَاصُ) لِمَا تَلَوْنَا. قَالَ (وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إلَّا فِي السِّنِّ) وَهَذَا اللَّفْظُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵄، وَقَالَ ﵊: «لَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ» وَالْمُرَادُ غَيْرُ السِّنِّ، وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمُمَاثَلَةِ فِي غَيْرِ السِّنِّ مُتَعَذِّرٌ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، بِخِلَافِ السِّنِّ لِأَنَّهُ يُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ، وَلَوْ قَلَعَ مِنْ أَصْلِهِ يُقْلَعُ الثَّانِي فَيَتَمَاثَلَانِ. .
لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الشَّيْنُ، وَفِي الِاقْتِصَاصِ بِمِقْدَارِهَا يَقِلُّ شَيْنُ الشَّاجِّ وَيَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ بِالشَّجَّةِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَانْتَفَى الْمُمَاثَلَةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْقِصَاصِ صُورَةً وَمَعْنًى، فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهُ مَعْنًى وَهُوَ مِقْدَارُ شَجَّتِهِ وَيَتْرُكُ الصُّورَةَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَهَا.
وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ) يَعْنِي الْقُدُورِيَّ، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ الصَّحَابَةِ ﵃. رُوِيَ أَنَّ هَذَا حَدَثَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ ﵁ فَسَأَلَ عَنْهُ الصَّحَابَةَ ﵃ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى جَاءَ عَلِيٌّ ﵁ فَقَضَى بِذَلِكَ وَعَمِلَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ ﵁ وَكَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ﵃
قَوْلُهُ (لِمَا تَلَوْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ يُنْبِئُ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ، وَقَوْلُهُ (وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إلَّا فِي السِّنِّ، وَهَذَا اللَّفْظُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵄) فَإِنْ كَانَ السِّنُّ عَظْمًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ وَلَا بُدَّ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ الْعِظَامِ وَهُوَ إمْكَانُ الْقِصَاصِ فِيهَا بِأَنْ يُبْرَدَ بِالْمِبْرَدِ بِقَدْرِ مَا كُسِرَ مِنْهَا أَوْ إلَى أَصْلِهَا إنْ قَلَعَهَا وَلَا يُقْلَعُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فَرُبَّمَا تَفْسُدُ بِهِ لِثَاتُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَظْمٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ ﷺ «لَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ» حَيْثُ لَمْ يُسْتَثْنَ السِّنُّ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ طَرَفُ عَصَبٍ يَابِسٍ لِأَنَّهُ يَحْدُثُ وَيَنْمُو بَعْدَ تَمَامِ الْخِلْقَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute