قَالَ: (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ إنَّمَا هُوَ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ) لِأَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ يَعُودُ إلَى الْآلَةِ، وَالْقَتْلُ هُوَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا دُونَ مَا دُونَ النَّفْسِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ إتْلَافُهُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ.
(وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلَا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا فِي الْحُرِّ يَقْطَعُ طَرَفَ الْعَبْدِ. وَيُعْتَبَرُ الْأَطْرَافُ بِالْأَنْفُسِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لَهَا.
قَالَ هُوَ عَظْمٌ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ عَظْمٌ حَتَّى قَالَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ غَيْرُ السِّنِّ.
وَقَوْلُهُ (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ) قَدْ ذَكَرَهُ مَرَّةً، لَكِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُ عَمْدٌ وَهَاهُنَا أَنَّهُ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إنْ أَمْكَنَ الْقِصَاصُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ إذَا حَصَلَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَأَمْكَنَ الْقِصَاصُ جُعِلَ عَمْدًا. رُوِيَ «أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّةَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ بِلَطْمَةٍ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْقِصَاصِ» وَاللَّطْمَةُ إذَا أَتَتْ عَلَى النَّفْسِ لَا تُوجِبُ الْقَوَدَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْقِصَاصُ جُعِلَ خَطَأً وَوَجَبَ الْأَرْشُ
وَقَوْلُهُ (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (إلَّا فِي الْحُرِّ يَقْطَعُ طَرَفَ الْعَبْدِ) يَعْنِي لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ عِنْدَهُ أَيْضًا، وَالشَّافِعِيُّ ﵀ أَخَذَ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسَلَكَا فِي الْبَابِ طَرِيقًا سَهْلًا وَهُوَ اعْتِبَارُ الْأَطْرَافِ بِالنُّفُوسِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنُّفُوسِ فَكَمَا يَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي النُّفُوسِ فَكَذَلِكَ فِي الْأَطْرَافِ لِكَوْنِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute