وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَا الدِّيَةَ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الزَّوْجَيْنِ. لَهُمَا أَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ وَهِيَ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ لِانْقِطَاعِهِ بِالْمَوْتِ، وَلَنَا «أَنَّهُ ﵊ أَمَرَ بِتَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ عَقْلِ زَوْجِهَا أَشْيَمَ»،
وَقَوْلُهُ (خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الزَّوْجَيْنِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَذَا اللَّفْظُ كَمَا تَرَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجَيْنِ حَقٌّ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ جَمِيعًا عِنْدَهُمَا. وَنُقِلَ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْإِيضَاحِ وَالْأَسْرَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي الدِّيَةِ خَاصَّةً وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: النِّسَاءُ لَا تَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ وَلَهُنَّ حَقُّ الْعَفْوِ. ثُمَّ قَالَ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَظَّ لِلزَّوْجَيْنِ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَالْإِيضَاحِ وَالْأَسْرَارِ، وَهُوَ مُؤَاخَذَةٌ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لَهَا عَدَمُ صِحَّةِ مَا نَقَلَهُ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِمَا مَا نَقَلَهُ. وَقَوْلُهُ (لَهُمَا أَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ) يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَوْرِيثِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ شَيْئًا وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الْوِرَاثَةُ فِيمَا يَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ خِلَافًا وَهِيَ فِيهِ بِالنَّسَبِ لَا السَّبَبِ لِانْقِطَاعِهِ بِالْمَوْتِ وَالْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ إنَّمَا يَجِبَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَقُلْنَا: إنَّهُ فَاسِدٌ بِالنَّقْلِ وَالْعَقْلِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَحَدِيثُ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute