آذَنَ بِذَلِكَ إطْلَاقَهُ، إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ خَطَأً فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَهُوَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ لِمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى بِإِعَارَةِ أَرْضِهِ.
سَرَتْ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ عَنْ أَرْشِ الشَّجَّةِ لَا غَيْرُ (آذَنَ) أَيْ أَعْلَمَ (بِذَلِكَ إطْلَاقُهُ) أَيْ إطْلَاقُ لَفْظِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَعَفَا الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَنْ الْقَطْعِ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِلْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَمُنِعَ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَضْعَ مُطْلَقٌ لَا مَحَالَةَ، وَالْجَوَابُ إنَّمَا هُوَ لِأَحَدِ نَوْعَيْهِ، وَتَقْرِيرُهُ فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا. وَقَوْلُهُ (كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعَارَةِ أَرْضِهِ) يَعْنِي إذَا تَبَرَّعَ بِمَنَافِع أَرْضِهِ فِي مَرَضِهِ بِالْعَارِيَّةِ وَانْتَفَعَ بِهَا الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعِيرُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ بِأَمْوَالٍ، وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْقِصَاصَ مَوْرُوثٌ بِالِاتِّفَاقِ فَكَيْفَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ. الثَّانِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِإِعَارَةِ أَرْضِهِ بَاطِلَةٌ وَإِنْ صَحَّتْ فَحُكْمُهُ التَّهَايُؤُ يَسْكُنُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةُ يَوْمَيْنِ إنْ لَمْ يَقْبَلْ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ قَبِلَهَا يُفْرَزُ الثُّلُثُ لِلْمُوصَى لَهُ. وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ فَكَيْفَ صَارَتْ نَظِيرًا لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ؟.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ﵀ نَفَى تَعَلُّقَ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِهِ لَا كَوْنَهُ مَوْرُوثًا، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ، وَحُكْمُ الْخَلَفِ لَا يَثْبُتُ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَالِ أَيْضًا أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهِ تَعَلُّقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute