وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَذْكُورَ كُلَّ الْوَاجِبِ بِحَرْفِ الْفَاءِ، أَوْ لِكَوْنِهِ كُلَّ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا عُرِفَ (وَيُجْزِئُهُ رَضِيعُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِهِ وَالظَّاهِرُ بِسَلَامَةِ أَطْرَافِهِ (وَلَا يُجْزِئُ مَا فِي الْبَطْنِ) لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ حَيَاتُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ. .
قَالَ (وَهُوَ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ) لِمَا تَلَوْنَاهُ (وَدِيَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ أَثْلَاثًا: ثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً، كُلُّهَا خَلْفَاتٌ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا،
وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَذْكُورَ كُلَّ الْوَاجِبِ) اسْتِدْلَالٌ مِنْ الْآيَةِ بِوَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِالنَّظَرِ إلَى الْفَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاقِعَ بَعْدَ فَاءِ الْجَزَاءِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلَّ الْجَزَاءِ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَالْتَبَسَ فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ الْجَزَاءُ أَوْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ وَمِثْلُهُ مُخِلٌّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفِي نِيَّتِهِ أَنْ يَقُولَ وَعَبْدِي حُرٌّ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَا يَكُونُ الْجَزَاءُ إلَّا الْمَذْكُورَ لِئَلَّا يَخْتَلَّ الْفَهْمُ وَالْآخَرُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَذْكُورِ: يَعْنِي لَوْ كَانَ الْغَيْرُ مُرَادًا لَذَكَرَهُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ، وَالسُّكُوتُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ بَيَانٌ (عَلَى مَا عُرِفَ) يَعْنِي فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (وَيَجْزِيهِ رَضِيعٌ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ) لِأَنَّ شَرْطَ هَذَا الْإِعْتَاقِ الْإِسْلَامُ وَسَلَامَةُ الْأَطْرَافِ، وَالْأَوَّلُ يَحْصُلُ بِإِسْلَامِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَالثَّانِي بِالظُّهُورِ، إذْ الظَّاهِرُ سَلَامَةُ أَطْرَافِهِ، وَلَا يَجْزِيهِ مَا فِي الْبَطْنِ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْرَفْ حَيَاتُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ.
قَالَ (وَهُوَ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ لِمَا تَلَوْنَا) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ (وَدِيَتُهُ) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) وَلَمْ يَذْكُرْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ عَامَّةِ الْكُتُبِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: ثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً كُلُّهَا خَلِفَاتٌ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute