للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ) وَقَدْ وَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ مَوْقُوفًا عَلَى عَلِيٍّ وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا دُونَ الثُّلُثِ لَا يُتَنَصَّفُ، وَإِمَامُهُ فِيهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ بِعُمُومِهِ، وَلِأَنَّ حَالَهَا أَنْقَصُ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ وَمَنْفَعَتُهَا أَقَلُّ، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ النُّقْصَانِ بِالتَّنْصِيفِ فِي النَّفْسِ فَكَذَا فِي أَطْرَافِهَا وَأَجْزَائِهَا اعْتِبَارًا بِهَا وَبِالثُّلُثِ وَمَا فَوْقَهُ.

قَالَ (وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ إلَخْ) دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ مَوْقُوفًا عَلَى عَلِيٍّ وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ ، وَالْمَوْقُوفُ فِي مِثْلِهِ كَالْمَرْفُوعِ، إذْ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا دُونَ الثُّلُثِ لَا يَتَنَصَّفُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الثُّلُثُ وَمَا دُونَهُ لَا يَتَنَصَّفُ. وَذَكَرَ فِي دِيَاتِ الْمَبْسُوطِ: وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ: إنَّهَا تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ دِيَتِهَا: يَعْنِي إذَا كَانَ الْأَرْشُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِ سَوَاءٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَحِينَئِذٍ حَالُهَا فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارًا بِهَا وَبِالثُّلُثِ وَمَا فَوْقَهُ. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالُ: اعْتِبَارًا بِهَا وَبِمَا فَوْقَ الثُّلُثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي: قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: بَلَغَنَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ. قَالَ: وَبِذَلِكَ نَأْخُذُ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: ثُلُثُ الدِّيَةِ وَمَا فَوْقَهَا يَتَنَصَّفُ وَمَا دُونَهُ لَا يَتَنَصَّفُ، وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَهَذَا يُصَحِّحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ» وَبِمَا حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ امْرَأَةٍ قَالَ: عَلَيْهِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، قُلْت: فَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعَيْنِ مِنْهَا؟ قَالَ: عَلَيْهِ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ، قُلْت: فَإِنْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعَ؟ قَالَ: عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ، قُلْت: فَإِنْ قَطَعَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ؟ قَالَ: عَلَيْهِ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ، قُلْت: سُبْحَانَ اللَّهِ لَمَّا كَثُرَ أَلَمُهَا وَاشْتَدَّ مُصَابُهَا قَلَّ أَرْشُهَا؟ قَالَ: أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ؟ فَقُلْت لَا بَلْ جَاهِلٌ مُسْتَرْشِدٌ أَوْ عَاقِلٌ مُسْتَثْبِتٌ، فَقَالَ: إنَّهُ السُّنَّةُ. وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ: السُّنَّةُ إذَا أُطْلِقَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ بِعُمُومِهِ، وَأَنَّ حَالَهَا أَنْقَصُ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ وَمَنْفَعَتُهَا أَقَلُّ لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّزَوُّجِ بِأَكْثَرَ مِنْ زَوْجٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ النُّقْصَانِ فِي التَّنْصِيفِ فِي النَّفْسِ فَكَذَا فِي أَطْرَافِهَا وَأَجْزَائِهَا اعْتِبَارًا بِالنَّفْسِ وَبِالثُّلُثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>