للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ وِلَايَةَ النَّقْضِ لَهُ، ثُمَّ التَّلَفُ بِالسُّقُوطِ إنْ كَانَ مَا لَا فَهُوَ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ نَفْسًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْإِشْهَادَ مِنْ وَجْهٍ عَلَى الْمَوْلَى وَضَمَانُ الْمَالِ أَلْيَقُ بِالْعَبْدِ وَضَمَانُ النَّفْسِ بِالْمَوْلَى، وَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ إلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ الْحَائِطِ وَحْدَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِ نَصِيبِهِ بِطَرِيقِهِ وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْقَاضِي.

(وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ عَلَى إنْسَانٍ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَقَتَلَهُ فَتَعَثَّرَ بِالْقَتِيلِ غَيْرُهُ فَعَطِبَ لَا يَضْمَنُهُ) لِأَنَّ التَّفْرِيغَ عَنْهُ إلَى الْأَوْلِيَاءِ لَا إلَيْهِ (وَإِنْ عَطِبَ بِالنَّقْضِ ضَمِنَهُ) لِأَنَّ التَّفْرِيغَ إلَيْهِ إذْ النَّقْضُ مِلْكُهُ وَالْإِشْهَادُ عَلَى الْحَائِطِ إشْهَادٌ عَلَى النَّقْضِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ امْتِنَاعُ الشَّغْلِ (وَلَوْ عَطِبَ بِجَرَّةِ كَانَتْ عَلَى الْحَائِطِ فَسَقَطَتْ بِسُقُوطِهِ وَهِيَ مِلْكُهُ ضَمِنَهُ) لِأَنَّ التَّفْرِيغَ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ مِلْكَ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُهُ) لِأَنَّ التَّفْرِيغَ إلَى مَالِكِهَا قَالَ

أُجِيبَ بِأَنَّ فِي تَرْكِ النَّقْضِ دَفْعَ مَضَرَّةٍ مُتَحَقِّقَةٍ وَهِيَ مَضَرَّةُ مُؤْنَةِ النَّقْضِ وَبِنَائِهِ ثَانِيًا، وَفِي نَقْضِهِ دَفْعَ مَضَرَّةٍ مَوْهُومَةٍ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَسْقُطَ وَإِنْ سَقَطَ لَا يَهْلِكُ بِهِ شَيْءٌ فَكَانَ تَرْكُهُ أَنْظَرَ لِلصَّبِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ ضَمَانٌ.

وَقَوْلُهُ (فِي عِتْقِ الْعَبْدِ) يَعْنِي يُبَاعُ فِيهِ كَمَا يُبَاعُ فِي دُيُونِ تِجَارَتِهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى كَضَمَانِ النَّفْسِ، وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَقُلْنَا: الْعَبْدُ فِي ضَمَانِ الْتِزَامِ الْمَالِ كَالْحُرِّ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ فِي اكْتِسَابِ سَبَبِ ذَلِكَ، وَفِي الْتِزَامِ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ بِالْإِذْنِ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الدَّارِ لِلْمَوْلَى رَقَبَةً وَتَصَرُّفًا وَالْعَبْدُ خَصْمٌ مِنْ جِهَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ حَقًّا فِي دَارٍ بِيَدِ مَأْذُونٍ لَهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا فَكَانَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ إشْهَادًا عَلَى الْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعِنْدَهُمَا ظَاهِرٌ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْلِصَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَكَانَ هَذَا تَقَدُّمًا إلَى الْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَتَقَدُّمًا إلَى الْعَبْدِ مِنْ وَجْهٍ، فَاعْتُبِرَ فِي ضَمَانِ الْأَنْفُسِ تَقَدُّمًا إلَى الْمَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ بِالْإِذْنِ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ، وَفِي ضَمَانِ الْأَمْوَالِ تَقَدُّمًا إلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِيهِ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُهُ (وَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ إلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِ) يَعْنِي لَوْ هَلَكَ أَحَدٌ بِسُقُوطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ فِيهِ، وَهَذَا جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ، وَوَجْهُهُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ. وَأَمَّا جَوَابُ الْقِيَاسِ فَهُوَ أَنْ لَا يَضْمَنَ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا، أَمَّا الَّذِي تَقَدَّمَ إلَيْهِ فَلِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ النَّقْضِ فَلَمْ يَكُنْ التَّقَدُّمُ إلَيْهِ مُفِيدًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فَلِعَدَمِ التَّقَدُّمِ إلَيْهِمْ فَلَمْ يُوجَدْ التَّعَدِّي مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي تَرْكِ التَّفْرِيغِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ يَتَعَذَّرُ عَادَةً، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِشْهَادُ عَلَى بَعْضِهِمْ فِي نَصِيبِهِ أَدَّى إلَى الضَّرَرِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ.

وَقَوْلُهُ (فَعَطِبَ لَا يَضْمَنُهُ) أَيْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْقَتِيلَ الثَّانِيَ (لِأَنَّ التَّفْرِيغَ عَنْهُ) أَيْ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ بِرَفْعِهِ مُفَوَّضٌ إلَى أَوْلِيَائِهِ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ دَفْنَهُ، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا إذَا وَقَعَ الْجَنَاحُ فِي الطَّرِيقِ فَتَعَثَّرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِهِ وَمَاتَ ثُمَّ تَعَثَّرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ وَمَاتَ فَإِنَّ دِيَةَ الْقَتِيلَيْنِ جَمِيعًا عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ إشْرَاعَ الْجَنَاحِ فِي نَفْسِهِ جِنَايَةٌ وَهُوَ فِعْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَاهُ بِيَدِهِ عَلَيْهِ فَكَانَ حُصُولُ الْقَتِيلِ فِي الطَّرِيقِ مُضَافًا إلَى فِعْلِهِ كَحُصُولِ نَقْضِ الْجَنَاحِ فِي الطَّرِيقِ وَمَنْ أَلْقَى شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ كَانَ ضَامِنًا لِمَا عَطِبَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ تَفْرِيغَ الطَّرِيقِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَائِطِ فَإِنَّ نَفْسَ الْبِنَاءِ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ يَصِيرُ بِهِ جَانِيًا لَكِنْ جُعِلَ كَالْفَاعِلِ بِتَرْكِ النَّقْضِ فِي الطَّرِيقِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّفْرِيغِ، وَالتَّرْكُ مَعَ الْقُدْرَةِ وُجِدَ فِي حَقِّ النَّقْضِ لَا فِي حَقِّ الْقَتِيلِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ فَاعِلًا فِي حَقِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ لَا فِي حَقِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي وَبِهَذَا يُعْلَمُ حُكْمُ مَا عَطِبَ بِالنَّقْضِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَاضِحًا. وَقَوْلُهُ (فَسَقَطَتْ) يَعْنِي الْجَرَّةُ بِسُقُوطِ الْحَائِطِ، يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الْجَرَّةُ وَحْدَهَا فَأَصَابَتْ إنْسَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَضَعَهَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>