لَا يَخْتَلِفُ. قَالَ (فَإِنْ رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ السَّيْرِ فَلَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ (وَكَذَا إذَا أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ) لِأَنَّ مِنْ الدَّوَابِّ مَا لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِيقَافِ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِرَوْثِهَا أَوْ بَوْلِهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا الْإِيقَافِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِ السَّيْرِ، ثُمَّ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا بِالْمَارَّةِ مِنْ السَّيْرِ لِمَا أَنَّهُ أَدْوَمُ مِنْهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ (وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا دُونَ رِجْلِهَا) وَالْمُرَادُ النَّفْحَةُ. قَالَ ﵁: هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّفْحَةَ بِمَرْأَى عَيْنِ السَّائِقِ فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَغَائِبٌ عَنْ بَصَرِ الْقَائِدِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ: إنَّ السَّائِقَ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا، إذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ،
أَيْ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ وَهُوَ الْمُبَاشَرَةُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الدَّابَّةِ بِالتَّسْيِيرِ عَلَى مَا أَرَادَ (لَا يَخْتَلِفُ) لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِمْ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ هُوَ) يَعْنِي الْإِيقَافَ (أَكْثَرُ ضَرَرًا بِالْمَارَّةِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِيقَافَ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِ السَّيْرِ لَكِنَّهُ مِثْلُهُ فِي كَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي الدَّابَّةِ فَلْيَلْتَحِقْ بِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَضَرُّ مِنْهُ (لِمَا أَنَّهُ) أَيْ الْإِيقَافَ (أَدْوَمُ مِنْ السَّيْرِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ) وَقَوْلُهُ (وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّاكِبِ بَيَّنَ أَحْكَامَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ، وَقَوْلُهُ (وَالْمُرَادُ النَّفْحَةُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، وَإِنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَطْءُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى السَّائِقِ وَالْقَائِدِ بِلَا خِلَافٍ لِأَحَدٍ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ﵏) يَعْنِي الْعِرَاقِيِّينَ. وَقَوْلُهُ (فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) يَعْنِي بِإِبْعَادِ الدَّابَّةِ عَنْ الْمُتْلَفِ أَوْ بِإِبْعَادِهِ عَنْهَا. وَقَوْلُهُ (وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ ﵏) يُرِيدُ مَشَايِخَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute