للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لِمَوْلَاهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَهُ بِهَا أَوْ تَفْدِيهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى الْأَرْشَ، وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِي اتِّبَاعِ الْجَانِي بَعْدَ الْعِتْقِ. وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -. لَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي مُوجِبِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُتْلِفِ لِأَنَّهُ هُوَ الْجَانِي، إلَّا أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ، وَلَا عَاقِلَةَ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَقْلَ عِنْدِي بِالْقَرَابَةِ وَلَا قَرَابَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَمَوْلَاهُ فَتَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا فِي الدَّيْنِ. وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ كَمَا فِي الْجِنَايَةِ

مُفِيدٌ فِي الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَمْدًا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَأَمَّا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا يُفِيدُ لِأَنَّ خَطَأَ الْعَبْدِ وَعَمْدَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْمَالَ فِي الْحَالَيْنِ، إذْ الْقِصَاصُ لَا يَجْرِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْعَبْدِ وَلَا بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. وَقَوْلُهُ (قِيلَ لِمَوْلَاهُ إمَّا تَدْفَعُهُ بِهَا أَوْ تَفْدِيهِ) يَعْنِي بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُبَرِّئَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا لِجَنَابَةٍ بِجِنَايَةِ الْحُرِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُسْتَأْنَى فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ لِأَنَّ مُوجَبَهَا يَخْتَلِفُ بِالسِّرَايَةِ وَعَدَمِهَا، وَالْقَضَاءُ قَبْلَ الِاسْتِينَاءِ قَضَاءٌ بِالْمَجْهُولِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.

وَقَوْلُهُ (وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِي اتِّبَاعِ الْجَانِي بَعْدَ الْعِتْقِ) فَعِنْدَهُ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَبْدِ فَيَتْبَعُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَعِنْدَنَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى دُونَ الْعَبْدِ فَلَا يَتْبَعُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ بِالْعِتْقِ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَقَوْلُهُ (وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ) فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ مَذْهَبِنَا، قَالَ: إذَا جَنَى الْعَبْدُ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَغَيْرِهِمَا. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ مَذْهَبِهِ. قَالَ: عَبِيدُ النَّاسِ أَمْوَالُهُمْ جَزَاءُ جِنَايَتِهِمْ فِي قِيمَتِهِمْ: أَيْ فِي أَثْمَانِهِمْ لِأَنَّ الثَّمَنَ قِيمَةُ الْعَبْدِ. وَقَوْلُهُ (فَتَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الدَّيْنِ، فَإِنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ يَكُونُ شَاغِلًا لِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُ كَذَلِكَ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ وَكَذَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا فِي الذِّمِّيِّ يَعْنِي إذَا قَتَلَ الذِّمِّيُّ رَجُلًا خَطَأً تَجِبُ دِيَتُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>