للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمَالِ.

وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ حَالَةَ الْخَطَإِ أَنْ تَتَبَاعَدَ عَنْ الْجَانِي تَحَرُّزًا عَنْ اسْتِئْصَالِهِ وَالْإِجْحَافِ بِهِ، إذْ هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْجِنَايَةَ، وَتَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي إذَا كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ،

فِي إتْلَافِ الْمَالِ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ النُّسْخَةِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) ظَاهِرٌ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُخْتَلِفٌ، فَإِنَّ حُكْمَهَا عِنْدَنَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى وَعِنْدَهُ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ بَنَاهُ عَلَى أَصْلٍ وَنَحْنُ عَلَى أَصْلٍ، فَمِنْ أَيْنَ يَقُومُ لِأَحَدِنَا حُجَّةٌ عَلَى الْآخَرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الشَّافِعِيُّ جَعَلَ مُوجَبَ جِنَايَتِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَوُجُوبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَكَوُجُوبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ، وَنَحْنُ إذْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بَقِيَ أَصْلُهُ بِلَا أَصْلٍ فَبَطَلَ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَتَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ صِيَانَةً لِلدَّمِ عَنْ الْهَدَرِ، وَبِقَوْلِهِ وَبِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ لِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ الْمَالَ فَتَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ. وَأَمَّا أَصْلُنَا فَهُوَ ثَابِتٌ فِي نَفْسِهِ مُسْتَنِدٌ إلَى النَّصِّ الَّذِي لَا يُعْقَلُ إبْطَالُهُ لَيْسَ بِمَقِيسٍ عَلَى أَصْلٍ يَبْطُلُ بِإِبْدَاءِ الْفَارِقِ. عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ الْأَصْلَ فِي مُوجَبِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُتْلِفِ يَبْطُلُ أَيْضًا بِقَوْلِنَا الْأَصْلُ ذَلِكَ فِي مُوجَبِ الْجِنَايَةِ الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ وَلَا يُفِيدُهُ، إذْ الْكَلَامُ فِي الْخَطَأِ وَالثَّانِي عَيْنُ النِّزَاعِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ هُوَ الْجَانِي غَيْرُ مُفِيدٍ) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: وَالْأَصْلُ فِي الْجَانِي أَنْ يَكُونَ مُوجَبُ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ فَهُوَ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>